ومعلوم أن العبد عليه أن يتبع رضا الله عز وجل، فيفعل ما أمر، ويرضى بما قدر. وأما الرب عز وجل إذا أراد أن يهلك أعداءه هل يشاور أحدا، أو يتوقف فعله على رضا أحد من عباده؟ بل هؤلاء العباد إن كانوا راضين بما أمرهم أن يرضوا به، وإلا وجبت التوبة عليهم. ألا ترى أن الله تعالى لما أغرق أهل الأرض، وأغرق فيهم ابن نوح الذي قال له نوح: يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم . [ ص: 74 ]
فهذا حال الرسل مع الله يرد على من يغلو فيهم، فكيف يقال: إن له عبادا لا يعذب أحدا إلا برضاهم؟ بل يقال: هؤلاء العباد لو أراد أن يهلكهم فمن يملك دفع بأس الله عنهم؟ وهؤلاء العباد عليهم [ ص: 75 ] أن يتوبوا إلى الله ويستغفروه، ففي صحيح nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: nindex.php?page=hadith&LINKID=914167 "والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة".
وهذا وأمثاله في دعاء الأنبياء وتضرعهم واستغفارهم وتوبتهم كثير في الكتاب والسنة، وهم يسألون الله رحمته لهم ولغيرهم، ويستعيذون بالله من عذابه أن ينزل بهم أو بمن يطلبون دفعه عنهم، فكيف يكون تعذيب رب العالمين لمن شاء تعذيبه لا يكون إلا برضا بعض الناس؟.