فقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن أولياء الله نوعان: المقربون السابقون، والأبرار أصحاب اليمين، هم الذين تقربوا إليه بالنوافل بعد الفرائض.
والآخرون هم المؤدون للفرائض المجتنبون للمحارم، كما قال تعالى: ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات . فالظالم لنفسه: هو صاحب الذنوب والخطايا; والمقتصد: هو الذي يفعل ما فرضه الله عليه ويترك ما حرمه الله عليه; والسابق بالخيرات: هو الذي لا يزال يتقرب إلى الله بما يقدر عليه من النوافل بعد الفرائض. وهؤلاء هم المتبعون لخاتم المرسلين وإمام المتقين وأفضل خلق الله أجمعين محمد - صلى الله عليه وسلم - تسليما، الذي بعثه الله إلى الناس بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، فهدى به من الضلالة، وأرشد به من الغواية، وفتح به [ ص: 87 ] أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا، حين فرق الله به [بين] الحق والباطل، وبين المعروف والمنكر، وبين الخير والشر، وبين طريق الجنة وطريق النار، وبين أولياء الله وأعداء الله.
فالحلال ما حلله، والحرام ما حرمه، والدين ما شرعه، والطريق إلى الله هو طاعة أمره، فلا طريق إلى الله إلا متابعة رسول الله.
فقد بين شرائع الإسلام وحقائق الإيمان، فكل من دعا إلى شريعة أو حقيقة تخالف ما بعثه الله به فهو ضال من إخوان الشياطين، خارج [ ص: 88 ] عن طريق الله ودين المرسلين، ليس من أولياء الله المتقين ولا حزب الله المفلحين ولا عباده الصالحين.
فمن سلك مسلك المبتدعين الضالين لم يكن من أولياء الله المتقين وحزبه المفلحين وعباده الصالحين، مثل الذين يظهرون الإشارات الشيطانية، كإشارة الدم والسكر والنيل واللادن وماء الورد والزعفران، وملابسة النيران، فحين يلبسهم الشيطان قد يزيد أحدهم، ويتكلم الشيطان على لسانه كما يتكلم الجن على لسان المصروع، وإذا أفاق من سكره لم يعرف ما تكلم به الشيطان على لسانه، كما لا يعرف المصروع إذا أفاق ما تكلم به الشيطان على لسانه، ومثل أكل الحيات والعقارب والزنابير، وأكل آذان الكلاب والحمير، وغير ذلك [ ص: 89 ] من الخبائث التي يأكلونها، والمنكرات التي يفعلونها، مثل الرقص على الغناء والمزامير، ورفع الأصوات بالخوار كما يخور الثور، وقد قال تعالى: واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير . وهؤلاء الضلال الغواة حزب الشيطان لا يقصدون في مشيهم، ولا يغضون من أصواتهم، بل يرفعون الأصوات المنكرات، ويرقصون كرقص الدباب ونحوها من الحيوانات، ويعرضون عن كتاب الله وسنة رسوله، فلا يرغبون في سماع كلام الله وكلام رسوله وكلام الصحابة كما يرغبون في سماع مزامير الشيطان، بل سماع مزامير الشيطان أحب إليهم من سماع كلام الملك الرحمن.
وقد كان أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا اجتمعوا أمروا واحدا منهم أن يقرأ، والباقي يستمعون، وكان nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب يقول nindex.php?page=showalam&ids=110لأبي موسى الأشعري: يا أبا موسى! ذكرنا ربنا، فيقرأ nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى وهم يستمعون.