وأما
اتخاذ التصفيق والغناء والمزامير قربة وطاعة وطريقا إلى الله، فهذا من جنس دين المشركين الذين قال الله فيهم:
وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية . والمكاء: هو التصويت بالفم، كالصفير والغناء، والتصدية: التصفيق باليد. فذم الله هؤلاء المشركين الذين يجعلون هذا قائما مقام الصلاة.
وأهل البدع والضلالة أتباع الشيطان يحبون السماع بالدف والكف أكثر مما يحبون سماع القرآن، ويرون ذلك طريقا لهم يقدمونه على
[ ص: 91 ] استماع القرآن، [و] يختارون سماع أبيات الشيطان على سماع آيات الرحمن. وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود :
الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل، والذكر ينبت الإيمان في القلب كما ينبت الماء البقل.
ولهذا كان هؤلاء المبتدعون الضالون أتباع الشيطان لا تأتيهم الإشارات الشيطانية إلا عند البدع التي لم يشرعها الله ولم يأذن بها، مثل اجتماعهم على سماع أبيات الشيطان ومزاميره، لاسيما إذا كان هناك جيران من الصبيان وأخواتهم من النسوان، فهنالك يكون أظهر لحال الشيطان.
سمعوا القران فأطرقوا لا خيفة لكنه إطراق ساه لاه أما الغناء فكالحمير تناهقوا
والله ما رقصوا من أجل الله دف ومزمار ونغمة شاهد
فمتى رأيت عبادة بملاهي يا أمة ما ضر دين محمد
وجنى عليه ومن له إلا هي
وأيضا فهم يشركون بالرحمن، فيستغيثون بالمخلوق الميت والغائب، يرجونه ويخافونه ويدعونه، وهو لا يسمع كلامهم ولا يرى مكانهم، ولكن الشياطين قد تخاطبهم وقد تتمثل في صورته، فيظنونه أن ذلك هو المسيح المستغاث به، وإنما هو شيطان تمثل لهؤلاء المشركين، كما تتمثل الشياطين للنصارى في صورة من يستغيثون به مثل جرجس وغيره، مثل ما تدخل الشياطين في الأصنام، وتكلم عابديها أحيانا، مثل ما كان يجري للمشركين من العرب، ومثل ما يجري للمشركين من الترك والهند وغيرهم. فإذا حضر أولياء الله المتقون وحزبه
[ ص: 92 ] المفلحون وجنده الغالبون، فذكروا الرحمن وقرأوا آية الكرسي ونحوها من آيات القرآن نزلت الملائكة، فطردت الشياطين، وبطلت أحوالهم. كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=661875 "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه إلا غشيتهم الرحمة، وتنزلت عليهم السكينة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده" .
nindex.php?page=hadith&LINKID=885485و"من قرأ آية الكرسي إذا أوى إلى فراشه لم يزل عليه من الله حافظ، لا يقربه شيطان حتى يصبح" . كما صدق النبي - صلى الله عليه وسلم - من أخبر بذلك.