[ ص: 396 ] [ ص: 397 ] قاعدة في حضانة الولد
[ ص: 398 ] [ ص: 399 ] قال الشيخ الإمام العالم العلامة شيخ الإسلام
أحمد بن تيمية الحراني رضي الله عنه:
الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن
محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما.
فصل
في مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد وغيره من العلماء في
حضانة الصغير المميز: هل هو للأب أو للأم؟ أو يخير بينهما؟.
فإن عامة كتب أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد إنما فيها أن الغلام إذا بلغ سبع سنين خير بين أبويه، أما الجارية فالأب أحق بها، وأكثرهم لم يذكروا في ذلك نزاعا.
وهؤلاء الذين ذكروا هذا بلغهم بعض نصوص أحمد في هذه المسألة، ولم يبلغهم سائر نصوصه، فإن كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد كثير منتشر جدا، وقل من يضبط جميع نصوصه في كثير من المسائل، لكثرة كلامه وانتشاره، وكثرة من كان يأخذ عنه العلم.
nindex.php?page=showalam&ids=14242فأبو بكر الخلال قد طاف بالبلاد، وجمع من نصوصه في مسائل الفقه نحو أربعين مجلدا ، وفاته أمور كثيرة ليست في كتبه. وأما ما جمعه من نصوصه في أصول
[ ص: 400 ] الدين مثل: "كتاب السنة" نحو ثلاث مجلدات، ومن أصول الفقه والحديث مثل: "كتاب العلم" الذي جمعه، ومن الكلام على علل الأحاديث مثل "كتاب العلل" الذي جمعه، ومن كلامه في أعمال القلوب والأخلاق والآداب، ومن كلامه في الرجال والتاريخ فهو مع كثرته لم يستوعب ما نقله الناس عنه.
والمقصود هنا أن النزاع عنه موجود في المسألتين؛ كلتاهما في مسألة البنت، وفي مسألة الابن. وفي مذهبه في المسألتين ثلاثة أقوال: هل تكون مع الأم أو مع الأب أو تخير؟ لكن في الابن ثلاث روايات. وأما البنت فالمنقول عنه روايتان: هل هي للأم أو للأب؟ وأما التخيير فهو وجه مخرج في مذهبه .
فعنه في الابن ثلاث روايات معروفة، وممن ذكرهن
أبو البركات في "محرره" . وعنه في الجارية روايتان، وممن ذكرهما
أبو عبد الله ابن تيمية في كتابه "التلخيص" و"ترغيب القاصد" . والروايات موجودة بألفاظها ونقلتها وأسانيدها في عدة كتب.
وممن ذكر هذه الروايات
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبو يعلى في "تعليقه"، نقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في الغلام: أمه أحق به حتى يستغني عنها، ثم الأب أحق به. قال في رواية
الفضل بن زياد: إذا عقل الغلام واستغنى عن الأم
[ ص: 401 ] فالأب أحق به. وقال في رواية
أبي طالب: والأب أحق بالغلام إذا عقل واستغنى عن الأم.
وهذا يشبه الذي نقله
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبو يعلى والشاشي وغيرهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة، قال:
إذا أكل وحده ولبس وحده وتوضأ وحده فالأب أحق به. ونقل
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر أنه يخير حينئذ بين أبويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور.
والأول هو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة الموجود في كتب أصحابه. وهو إحدى الروايتين عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، فإنه نقل عنه
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب: الأم أحق به حتى يثغر. ولكن المشهور عنه: أن الأم أحق به ما لم يبلغ. وهذه هي الرواية الثانية عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد.
والرواية الثالثة عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أن الأم أحق بالغلام مطلقا، كمذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك. قال في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=15772حنبل: في الرجل يطلق امرأته وله منها أولاد صغار، فالأم أعطف عليهم مقدار ما يعقل الأدب، فيكون الأب أحق بهم ما لم تتزوج، فإذا تزوجت فالأب أحق بولده غلاما كان أو جارية.
قال الشيخ
أبو البركات : فهذه الرواية تدل على أنه إذا كبر وصار يعقل الأدب فإنه يكون مقره أيضا عند الأم، لكن في وقت الأدب -وهو النهار- يكون عند الأب.
وهذا مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بعينه الذي حكيناه. فصار في المسألة ثلاث روايات. ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في "المدونة" أن الأم أحق به ما لم يبلغ،
[ ص: 402 ] وللأب تعاهده عندها وأدبه وبعثه إلى المكتب، ولا يبيت إلا عند الأم.
قلت:
وحنبل وأحمد بن الفرج كانا يسألان
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد عن مسائل
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وأهل المدينة، كما كان يسأله
nindex.php?page=showalam&ids=15106إسحاق بن منصور وغيره عن مسائل
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري وغيره، وكما كان يسأله
nindex.php?page=showalam&ids=15371الميموني عن مسائل
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي، وكما كان يسأله
إسماعيل بن سعيد الشالنجي عن مسائل
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وأصحابه، فإنه كان قد تفقه على مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة، ثم اجتهد في مسائل كثيرة رجح فيها مذهب أهل الحديث، وسأل عن تلك المسائل
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد وغيره، وشرحها
إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني إمام
دمشق. وأما الذين كانوا يسألونه مطلقا -مثل
nindex.php?page=showalam&ids=13665الأثرم وعبد الله وصالح وغيرهم- فكثيرون.