مسألة
المسئول أن يبين لنا عن هذه المشاهد، ومن ابتدعها، وفي زيارتها، وما صح من الأنبياء والصحابة في دفنهم على ما ذكروا عند جامع
بني أمية وغيره،
nindex.php?page=showalam&ids=22وخالد بن الوليد ذكر أنه كان تربته في
حمص ورجله تخط الأرض. وهل يجوز
التبرك بالمشهد أو
زيارة رجل ميت؟ ومن يقول: "بحرمة فلان اقض حاجتي" أو يندب له؟ وكيف تكون زيارة الرجل الصالح وما صح من دفن الأنبياء؟
الجواب
الحمد لله رب العالمين، الجواب عن هذه المسائل متضمن أصلين:
أحدهما: هذه المقابر والمشاهد وما فيها من حق وباطل، فنقول: القبور ثلاثة أقسام:
منها: ما هو حق لا ريب فيه، مثل قبر نبينا صلى الله عليه وسلم وصاحبيه
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر، فإن هذا منقول بالتواتر، وإن كان بعض
الرافضة تطعن في قبر
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر، فهؤلاء مكابرون بهاتون، بمنزلة من ينكر قبر النبي صلى الله عليه وسلم.
[ ص: 155 ]
ومنها: ما هو كذب بلا ريب، مثل القبر المضاف إلى
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب الذي شرقي
دمشق، فإن الناس متفقون على أن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب مات
بالمدينة النبوية، وكذلك أمهات المؤمنين كلهن توفين
بالمدينة، فمن قال: إن بظاهر
دمشق قبر
nindex.php?page=showalam&ids=10583أم حبيبة أو
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة أو غيرهما فقد كذب. ولكن من الصحابيات
بالشام امرأة يقال لها
nindex.php?page=showalam&ids=10382أم سلمة أسماء بنت يزيد بن السكن، فهذه توفيت
بالشام، فهذه قبرها محتمل. كما أن قبر
nindex.php?page=showalam&ids=115بلال ممكن، فإنه دفن
بباب الصغير بدمشق، فنعلم أنه دفن هناك، وأما القطع بتعين قبره ففيه نظر، فإنه يقال: إن تلك القبور حدثت.
وكذلك القبر المضاف إلى
nindex.php?page=showalam&ids=12338أويس القرني غربي
دمشق كذب بلا ريب، وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=14510أبو عبد الرحمن السلمي حكاية فيها أنه توفي
بدمشق، وهي باطلة قطعا، فإن
nindex.php?page=showalam&ids=12338أويسا لم يجئ إلى
الشام، وإنما ذهب إلى
العراق.
وكذلك القبر المضاف إلى
هود بجامع
دمشق كذب باتفاق أهل العلم، فإن
هودا لم يجئ إلى
الشام، بل بعث
باليمن وهاجر إلى
مكة، فقيل: إنه مات
باليمن، وقيل: إنه مات
بمكة، وإنما ذلك تلقاء قبر
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بن أبي سفيان، فإن خلف الحائط تابوت مكتوب فيه اسم
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بن أبي سفيان.
وأما الذي خارج باب الصغير الذي يقال: إنه قبر
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية، فإنما هو
nindex.php?page=showalam&ids=17113معاوية بن يزيد بن معاوية الذي تولى الخلافة مدة قصيرة ثم مات، ولم يعهد إلى أحد، وكان فيه دين وصلاح، ولكن لما اشتهر أنه قبر
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية ظن الناس أنه
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بن أبي سفيان. [ ص: 156 ]
وهكذا يقال في قبر
nindex.php?page=showalam&ids=15815خالد أنه خالد بن يزيد بن معاوية أخو
nindex.php?page=showalam&ids=17374يزيد هذا، ولكن لما اشتهر أنه
خالد والمشهور عند العامة
nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد ظنوا أنه
nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد، كان قد عزله
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب لما تولى عن إمارة
الشام. وقد اختلف في هذا الذي
بحمص هل هو قبره أو قبر
nindex.php?page=showalam&ids=15815خالد بن يزيد، وكذلك اختلف في قبر
nindex.php?page=showalam&ids=12150أبي مسلم الخولاني الذي
بداريا على قولين، وكذلك
قبور غير هذه اختلف الناس فيها، وهذا هو القسم الثالث، وهو الذي اختلف فيه أهل النقل، فإن كان مع أحدهما ما يرجح به نقله ترجح.
وأما المكذوب قطعا فكثير، مثل قبر
nindex.php?page=showalam&ids=16600علي بن الحسين الذي
بمصر، فإن
nindex.php?page=showalam&ids=16600علي بن الحسين توفي
بالمدينة بإجماع الناس ودفن
بالبقيع، ويقال إن
قبة العباس بها قبره وقبر
nindex.php?page=showalam&ids=35الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16600وعلي بن الحسين nindex.php?page=showalam&ids=11958وأبي جعفر الباقر nindex.php?page=showalam&ids=15639وجعفر بن محمد، وفيها أيضا رأس
nindex.php?page=showalam&ids=17الحسين، وأما بدنه فهو
بكربلاء باتفاق الناس. والذي صح ما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه من أن رأسه حمل إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16521عبيد الله بن زياد، وجعل ينكت بالقضيب على ثناياه، وقد شهد ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك، وفي رواية أخرى
nindex.php?page=showalam&ids=88أبو برزة الأسلمي، وكلاهما كانا
بالعراق، وقد روي بإسناد منقطع أو مجهول أنه حمل إلى
nindex.php?page=showalam&ids=17374يزيد، وجعل ينكت بالقضيب على ثناياه، وأن
nindex.php?page=showalam&ids=88أبا برزة كان حاضرا وأنكر ذلك. وهذا كذب، فإن
nindex.php?page=showalam&ids=88أبا برزة لم يكن
بالشام عند
nindex.php?page=showalam&ids=17374يزيد، وإنما كان
بالعراق. [ ص: 157 ]
وهذا كما يرويه الكذابون أن
أهل البيت سبوا وحملوا على الجمال فنبتت لها سنامان، فإن كل عاقل يعلم أن هذا كذب، وقد كانت البخاتي موجودة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وقبل ذلك، وكما يروون أن
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج بن يوسف قتل أشراف بني هاشم، وهذا كذب أيضا، فإن
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج مع ظلمه وغشمه صرفه الله عن
بني هاشم، فلم يقتل منهم أحدا، وبذلك أمره خليفته
عبد الملك، وقال: إياك
وبني هاشم أن تتعرض إلى أحد، فإني رأيت
آل حرب لما تعرضوا
nindex.php?page=showalam&ids=17للحسين أصابهم ما أصابهم، أو كما قال. ولم يقتل في دولة
بني مروان من الأشراف
بني هاشم من هو معروف، لأن
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي بن الحسين لما صلب
بالكوفة، وقد تزوج
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج ابنة
nindex.php?page=showalam&ids=166عبد الله بن جعفر وأعظم صداقها، فلم يروه كفؤا لها وسعوا في مفارقته إياها، ولكن ذكر الناس أن
nindex.php?page=showalam&ids=14078الحجاج كان يقتل الأشراف أشراف الناس وهم رؤوس قبائل العرب، فظن من ظن أنهم
بنو هاشم، وتخصيص لفظ الأشراف بهم عرف حادث، والشرف هو الرئاسة، كالحديث الذي رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي وصححه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=664668 "ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه".
وفي الصحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة nindex.php?page=hadith&LINKID=653216أن قريشا أهمهم شأن المخزومية، [ ص: 158 ] فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: ومن يجترئ عليه إلا nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة بن زيد، فكلمه فيها فغضب النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: "إنما هلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، والذي نفس محمد بيده لو أن nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها". فهذه كانت من أشراف
قريش، وكانت مخزومية.
وكذلك قبر
نوح الذي بجبل
بعلبك كذب قطعا، وإنما ظهر من مدة قريبة، وقد بينت حاله لما سألني عنه أهل الناحية وتبين أنه لا أصل له.
وكذلك مشهد الرأس الذي بالقاهرة، فإن المصنفين في مقتل
nindex.php?page=showalam&ids=17الحسين اتفقوا على أن الرأس لم يعرف، وأهل المعرفة بالنقل يعلمون أن هذا أيضا كذب، وأصله أنه نقل من مشهد
بعسقلان، وذاك المشهد بني قبل هذا بنحو من ستين سنة في أواخر المائة الخامسة، وهذا بني في أثناء المائة السادسة بعد مقتل
nindex.php?page=showalam&ids=17الحسين بنحو من خمسمائة عام،
والقاهرة بنيت بعد مقتل
nindex.php?page=showalam&ids=17الحسين بنحو من ثلاثمائة عام، وهذا المشهد بني بعد بناء
القاهرة بنحو مائتي عام.
وكذلك قبر
nindex.php?page=showalam&ids=8علي عليه السلام الذي بباطنة
النجف بالكوفة، فإن المعروف عند أهل العلم أنه دفن بقصر الإمارة
بالكوفة، كما دفن
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بقصر الإمارة
بالشام، ودفن
عمرو بقصر الإمارة
بمصر، خوفا عليهم من
الخوارج أن ينبشوا قبورهم، فإن
الخوارج كانوا قد تحالفوا على قتلهم، فقتل
عبد الرحمن بن ملجم nindex.php?page=showalam&ids=8عليا عليه السلام
[ ص: 159 ] وهو خارج إلى صلاة الفجر بمسجد
الكوفة باتفاق الناس،
nindex.php?page=showalam&ids=33ومعاوية ضربه الذي أراد قتله على أليته فعولج من ذلك وعاش،
nindex.php?page=showalam&ids=59وعمرو بن العاص استخلف على الصلاة رجلا اسمه
خارجة، فضربه الخارجي فظنه
عمرا، وقال: أردت
عمرا وأراد الله
خارجة.
ومثل قبر
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر الذي بظاهر
حران، فإن الناس متفقون على أن جابرا توفي
بالمدينة النبوية، وهو آخر من مات من الصحابة بها.
ومثل قبر
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر الذي
بالجزيرة، فإن الناس متفقون على أن
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر مات
بمكة عام قتل
nindex.php?page=showalam&ids=16414ابن الزبير، وأوصى أن يدفن في الحل لكونه من المهاجرين، فشق ذلك عليهم، فدفنوه بأعلى
مكة.
وكثير من هذه الأسماء يقع فيها الغلط من جهة اشتراك الأسماء، كما وقع في قبر
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية وغيره بسبب اشتراك اللفظ، فلعل رجلا اسمه
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر أو
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر دفن هناك، فظن الجهال أنه الصاحب لشهرته، ثم اشتهر ذلك.
وكذلك
nindex.php?page=showalam&ids=10733رقية nindex.php?page=showalam&ids=11715وأم كلثوم مما هو مدفون
بالشام أو
مصر أو غيرهما، قد يظن بعض الناس أنه قبر
nindex.php?page=showalam&ids=10733رقية بنت النبي أو
nindex.php?page=showalam&ids=11715أم كلثوم بنته، وقد اتفق الناس على أن
nindex.php?page=showalam&ids=10733رقية nindex.php?page=showalam&ids=11715وأم كلثوم ماتتا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم
بالمدينة تحت
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان وبهما يسمى
nindex.php?page=showalam&ids=7ذا النورين، وكذلك
nindex.php?page=showalam&ids=437زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم توفيت في حياته، ولم يخلف من بناته إلا
nindex.php?page=showalam&ids=129فاطمة، ولم يخرج أحد من بناته إلى
الشام ولا
مصر ولا غيرهما من الأقاليم.
[ ص: 160 ]
والمسجد الذي بجانب
عرنة الذي يقال له مسجد
إبراهيم، فإن بعض الناس يظن أنه
إبراهيم الخليل، وإنما هو من ولد
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس، والمسجد إنما بني في دولة العباسية علامة على الموضع الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر يوم عرفة، فإنه أقام
بنمرة إلى حين الزوال، ثم ركب فأتى بطن
عرنة عند المكان الذي بني فيه هذا المسجد، فخطب على راحلته، ثم نزل فصلى بهم هناك الظهر والعصر قصرا وجمعا، ثم أتى الموقف
بعرفات. وكان
بحران مسجد يقال له مسجد
إبراهيم، فيظن الجهال أنه
إبراهيم الخليل، وإنما هو
إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، الذي كانت دعوة الخلافة العباسية له، وحبس هناك ومات في الحبس، وأوصى إلى أخيه
nindex.php?page=showalam&ids=15337أبي جعفر الملقب بالمنصور. والقبور المختلف فيها كثيرة، منها قبر
nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد كما تقدم، فإن فيه قولين ذكرهما
nindex.php?page=showalam&ids=13332أبو عمر ابن عبد البر في "الاستيعاب" : توفي
بحمص، وقيل: توفي
بالمدينة، سنة إحدى وعشرين أو اثنتين وعشرين في خلافة
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب، وأوصى إلى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب، قال: وروى
nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى بن سعيد القطان عن
سفيان عن
nindex.php?page=showalam&ids=15683حبيب بن أبي ثابت عن
أبي وائل قال: بلغ
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب أن نسوة من نساء
بني المغيرة اجتمعن في دار يبكين على
nindex.php?page=showalam&ids=22خالد بن الوليد، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر: وما عليهن أن يبكين على
أبي سليمان [ ص: 161 ] ما لم يكن نقع أو لقلقة.
وأما قبر
الخليل عليه السلام قالت العلماء على أنه حق، لكن كان مسدودا بمنزلة حجرة النبي، ولم يكن عليه مسجد، ولا يصلي أحد هناك، بل المسلمون لما فتحوا البلاد على عهد
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب بنوا لهم مسجدا يصلون فيه في تلك القرية منفصلا عن موضع الدير، ولكن بعد ذلك نقبت حائط المقبرة كما هو الآن النقب ظاهر فيه، فيقال: إن النصارى لما استولوا على البلاد نقبوه وجعلوه كنيسة، ثم لما فتحه المسلمون لم يكن المتولي لأمره عالما بالسنة حتى يسده ويتخذ المسجد في مكان آخر، فاتخذ ذلك مسجدا، وكان أهل العلم والدين العالمون بالسنة لا يصلون هناك.