ولو كان قصد المشاهد هذه التي على القبور لأجل الدعاء أو
[ ص: 166 ] الصلاة عندها مشروعا لم يكره الصلاة فيها، بل كانت تكون الصلاة فيها أفضل، وقد أجمع المسلمون على أن الصلاة والدعاء في المسجد الذي ليس عليه قبر لا رجل صالح ولا غيره أفضل من
الصلاة والدعاء في المسجد المبني على قبر من المشاهد وغيره، بل صرح أئمة المسلمين أن بناء المساجد عليها حرام، ونهوا عن الصلاة فيها.
وفي السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=689161 "لعن الله زوارات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج". قال
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي: حديث حسن. ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=13053أبو حاتم ابن حبان في صحيحه. فقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من يتخذ على القبور مساجد وسرجا. ولهذا قال العلماء: إنه لا يجوز أن
ينذر للقبور لا زيت ولا شمع ولا نفقة ولا نحو ذلك، بل هذا نذر معصية. وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=656202 "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه". ونذر المعصية مثل هذا لا يجوز الوفاء به بالاتفاق، لكن هل عليه كفارة يمين؟ فيه قولان للعلماء:
أحدهما: لا شيء عليه، كقول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي.
والثاني: عليه كفارة يمين، وهو ظاهر مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد، لما في
[ ص: 167 ] الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=66431 "كفارة النذر كفارة يمين". وفي السنن عنه أنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=663814 "لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين".
وإذا نذر طاعة لله، مثل صلاة مشروعة أو صيام شرعي أو صدقة شرعية فعليه الوفاء بذلك، وإن كان
أصل عقد النذر مكروها لما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النذر وقال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=12637 "إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل". فنفس عقد النذر منهي عنه باتفاق الأئمة، لكنه إذا نذر نذرا فإن طاعة لله وفى به، وإن كان معصية مثل نذر للكنائس والبيع، ونذر الزيت والشمع والكسوة والنفقة للمشاهد التي على القبور، فهذا لا يجوز الوفاء به، وهل عليه كفارة يمين؟ على قولين للفقهاء.