مسألة
قال
المجد في الوديعة: وإذا قال: أذنت في دفعها إلى فلان وقد فعلت قبل قوله فيهما.
وقال في الوكالة: ومن وكل في قضاء دين، ولم يؤمر بإشهاد، فقضاه بحضرة الموكل ولم يشهد، فأنكر الغريم، لم يضمن. وإن قضاه في غيبته ضمن. وعنه لا يضمن، كالوكيل في الإيداع.
وقال في الضمان: وإذا ادعى القضاء وأنكره الآخران فلا رجوع له، فإن صدقه رب الحق وحده فوجهان، وإن صدقه المديون وحده رجع عليه إن قضى بحضرته أو بإشهاد، وإلا فلا.
وقيل: لا يرجع فيما قضى بحضرته.
فمتى
أمر رجل بدفع ألف إلى فلان، فدفعها، فأنكر المدفوع إليه، فإن كان أمره بالإشهاد ولم يشهد ضمن، وإن لم يأمره بالإشهاد فالقول قوله.
[ ص: 361 ]
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب وغيره: ومعلوم أنه لم يرد القول قوله على المدفوع إليه، فثبت أنه أراد في حق الأمر.
قلت: هذا صريح في الرواية الأولى.
وقال الخرقي في الوكالة: ولو
أمره أن يدفع إلى رجل مالا فادعى أنه دفعه إليه لم يقبل قوله على الآمر إلا ببينة.
قلت: وهذا يوافق الثانية أنه لعدم الإشهاد، فيكون لعدم التفريط، كما هي الرواية. وكذلك قال
القاضي وغيره. ويحتمل أن لا يقبل قوله في ذلك إلا ببينة أنه فعل، فلو صدقه لم يقبل، والله أعلم.
هذا القول قول
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي، فيكون
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي إنما تكلم في قبول قوله على الآخر.
قلت: فهذا الذي ذكره
المجد في الوديعة يوافق ما ذكره
أبو محمد عموم كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي، وإن النزاع في الموضعين فإنه قد يتكرر قضاء الدين، أما إذا صدقه في القضاء فيفرق بين أن يفرط أو لا يفرط، وحينئذ لا تختلف مسألة
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي ومسألة مهنأ في قضاء الدين ونحوه من نقل الملك، وعلى هذه الرواية التي نقلها
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي قد يفرق الأصحاب بين الوفاء وبين الإيداع كما ذكر المجد.
وقال الشيخ
أبو محمد: وإن
وكله في إيداع ماله فأودعه ولم يشهد، فقال أصحابنا: لا يضمن إذا أنكر المودع.
[ ص: 362 ]
قال: وكلام
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي بعمومه يقتضي أن لا يقبل قوله على الآمر، وهو أحد الوجهين لأصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي، لأن
الوديعة لا تثبت إلا بالبينة، فهي كالدين. وقال أصحابنا: لا يصح القياس على الدين، لأن
قول المودع يقبل في الرد والهلاك، فلا فائدة هنا في الاستيثاق، بخلاف الدين. فإن
قال الوكيل: دفعت المال إلى المودع فالقول قول الوكيل، لأنهما اختلفا في تصرفه فيما وكل فيه، فكان القول قوله فيه.
قلت: هذا يخالف ظاهر قول
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي على الاحتمال الثاني، وهو أشبه بقوله وما ذكروه من تعليل الأصحاب، ففي دعوى الرد إذا كان الدفع ببينة رواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد كقول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك، وفي دعوى التلفيق بين ماله روايتان.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب في الوكالة: وإن
وكله في قضاء دين، فقضاه في غيبة الموكل ولم يشهد، فأنكر الغريم، ضمن الوكيل.
قال
المجد: بهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي.
وكذلك الوديعة إذا أمره بدفعها إلى إنسان، وهذا اختيار
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة وأصحابه: لا يضمن، وهو ظاهر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في رواية الميموني.
قال: وهذا الذي اختاره
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب هنا يناقض ما اختاره في كتاب الرهن. وصرح
القاضي nindex.php?page=showalam&ids=13372وابن عقيل في كتاب الوكالة بأن المسألة على روايتين.
[ ص: 363 ]
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11851أبو الخطاب في الوديعة: وكذلك إن
قال: أمرتني أن أدفعها إلى فلان وقد دفعتها إليه، فقال المالك: ما أمرتك، فالقول قول المودع، نص عليه.
قال
المجد: بهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى، وبهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري وعبد الله بن الحسن nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وإسحاق وأصحاب الرأي
nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي: لا يقبل قوله في ذلك، وهو ضامن. ووافقوا على أنه إذا وافقه على الإذن فإن القول قوله في الدفع، إلا
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي، فإنه قال: لا يقبل قوله بدون بينة، ويضمن.
قلت: هذا الذي محل وفاق، فنقل
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي ما ينافي ما ذكره هو
وأبو محمد من عموم كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي، فإنه قال هنا: وكذلك الوديعة إذا أمره بدفعها إلى إنسان. وهذا اختيار
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي. فجعل الأمر بدفع الوديعة كالأمر بدفع الدين.
وهذه المسألة هي بعينها الأمر بدفع الوديعة، ومسألة
أبي محمد مسألة الكتاب من
التوكيل في الإيداع والوكيل في الإيداع هو أمر بدفع الوديعة إلى مطلق أو معين، لكن قد يقال: إنه في التوكيل في الإيداع لم يعين المودع، بخلافه هنا، وهذا فرق عن سويد، كالأمر بقضاء الدين المطلق أو معين، فهذا شيء، وشيء آخر وهو أنه إذا كان منصوص
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أنه يقبل قوله عليه في الإذن في الدفع من غير إشهاد، فهذا أبلغ من قبول قوله في مجرد الدفع. وقوله: "ادفعها إلى فلان" يتناول ما إذا كان بطريق القضاء والإيداع والهبة وغير ذلك، فهذا موافق لرواية مهنأ، ومخالفة ظاهرة لنقل الخرقي،
[ ص: 364 ] لا سيما إذا حمل قوله على العموم، وعلى ما نقله
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي ينبغي أن لا يقبل قوله هنا بالإذن كقول الجمهور بطريق الأولى، وكلام
nindex.php?page=showalam&ids=14209الخرقي يتناول ذلك، بل ولا في الدفع أيضا.