والتوسل بدعائه وشفاعته هو التوسل به الذي كان الصحابة يعرفونه ويفعلونه ، وهو معنى التوسل به عندهم ، كما قد بين ذلك حديث
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وحديث الأعمى . ولكن من الناس من ظن أن المراد بلفظ التوسل به هو التوسل بذاته أو الإقسام بذاته ، وهذا غلط على الصحابة .
وأما كلام العلماء في أن ذلك مشروع أو لا؟ فقد ذكر السائل النقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=14954وأبي يوسف وغيرهما أن ذلك منهي عنه ،
[ ص: 115 ] وما ذكره عن
أبي محمد بن عبد السلام يوافق ذلك . وأما استثناؤه الرسول إن صح حديث الأعمى ، فهو -رحمه الله- لم يستحضر الحديث بسياقه حتى يتبين له أنه لا يناقض ما أفتى به ، بل ظن أنه يدل على محل السؤال ، فاستثناه بتقدير صحته . والحديث صحيح ، لكن لا يدل على هذه المسألة كما تقدم .
وأما ما نقله السائل عن
القشيري فأجنبي عن هذه المسألة ، لا يدل عليها بنفي ولا إثبات .
وقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15202المروذي في منسكه عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد بن حنبل أن الداعي المسلم على النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوسل به في دعائه . فهذا النقل يجعل معارضا لما نقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة وغيره .
ونقل أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=5541عثمان بن حنيف أنه أمر رجلا بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو بهذا الدعاء ، لكن لم يقل فيه : "اللهم فشفعه في" .
وقد تكلمت على إسناد ذلك ، وهل هو ثابت أم لا؟ وبسطت الكلام على ذلك في غير هذا الموضع ، وبينت أنه [على] تقدير ثبوته يكون معارضا لما فعله
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بمحضر من
المهاجرين والأنصار ، وإذا كانت مسألة نزاع ردت إلى الله والرسول .
وما نقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رضي الله عنه فإنه يشبه ما نقل عنه من جواز
الإقسام برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وأنه يجب بذلك الكفارة ، فإن الإقسام به
[ ص: 116 ] في اليمين كالإقسام به على الله ، وكالتوسل بذاته .
وهذه الرواية عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد لم يوافقها [أحد] من الأئمة ، بل جمهور الأئمة على الرواية الأخرى عنه ، وهو أنه لا يشرع الحلف بمخلوق لا النبي ولا غيره ، ولا يجب بذلك كفارة . وتلك الرواية اختارها طائفة من أصحابه ونصروها في الخلاف ،
كالقاضي والشريف أبي جعفر nindex.php?page=showalam&ids=13372وابن عقيل وغيرهم . ثم أكثر هؤلاء يقولون : هذا الحكم مختص به ، لكون الإيمان به بخصوصه ركنا في الإيمان ، لا يتم الإيمان إلا بالشهادتين . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13372ابن عقيل أن حكم سائر الأنبياء كذلك في انعقاد اليمين بالحلف بهم .