وأما
جماهير علماء المسلمين من السلف والخلف فعلى أنه لا ينعقد اليمين بمخلوق ، لا الأنبياء ولا غيرهم ، كالرواية الثانية عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد . وهذا مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11990وأبي حنيفة واختيار طائفة من أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، وهذا القول هو الصواب ، فإنه قد ثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=674750 "لا تحلفوا إلا بالله" ، وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=652482 "من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت" . وفي السنن عنه أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=36249 "من حلف بغير الله فقد أشرك" .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس : "لأن أحلف كاذبا أحب إلي
[ ص: 117 ] [من] أن أحلف بغيره صادقا" . وذلك لأن
الحلف بغير الله شرك ، والشرك أعظم إثما من الكذب . وهذا يوافق أظهر قولي العلماء أن النهي عن الحلف بالمخلوقات نهي تحريم لا نهي تنزيه ، وهذا قول أكثر العلماء ، وهو أحد القولين في مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد .
وإذا كان الحلف بغير الله من باب الشرك ، فمعلوم أنه لا يجوز أن يشرك به ولا يعدل به ولا يسوى به الأنبياء وغيرهم ، قال تعالى :
ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أربابا أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون ، وقال تعالى :
قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا . قال طائفة من السلف : كان قوم يدعون الملائكة والأنبياء ، فأنزل الله هذه الآية بين فيها أن الملائكة والأنبياء قد يتقربون إلى الله ويرجونه ويخافونه ، كما أن سائر العباد يتقربون إلى الله ويرجونه ويخافونه ، فلا يجوز
دعاء الملائكة والأنبياء . وقد
nindex.php?page=hadith&LINKID=682708قال رجل للنبي - صلى الله عليه وسلم - : ما شاء الله وشئت ، فقال : "أجعلتني لله ندا؟ قل : ما شاء الله وحده" . وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=678622 "لا تقولوا ما شاء الله [ ص: 118 ] وشاء محمد ، بل قولوا ما شاء الله ثم شاء محمد" . فنهاهم [أن] يشركوا به حتى في مثل هذه الأقوال .
وقد أمر الله أن يقول :
يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله الآية .
nindex.php?page=hadith&LINKID=658446ولما قال الأعرابي : ومن يعصهما فقد غوى ، قال : "بئس الخطيب أنت ، قل : ومن يعص الله ورسوله" .
مع أنه قد روي عنه أنه قال : "ومن يعصهما" ، وذلك لأن هذا إذا قاله من جعل طاعة الرسول تابعة لطاعة الله ويجعله عبدا لله ورسولا ، لم ينكر عليه الجمع بينهما في الضمير ، بخلاف من قد لا يفهم ذلك ، بل يجعل الرسول ندا ، كقول القائل : ما شاء الله وشاء
محمد .
وأيضا فقد نهى
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا وغيره عن السجود له ، وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=673751 "أرأيت لو مررت بقبري أكنت ساجدا لقبري"؟ قال : لا ، قال : "فإنه لا يصلح السجود إلا لله" .
[ ص: 119 ]
وأيضا فقد ثبت في الصحيح أنهم لما صلوا خلفه قياما وهو قاعد لمرضه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=676476 "لا تعظموني كما تعظم الأعاجم بعضها بعضا" .
فنهاهم أن يقوموا -مع أن قيامهم كان لله- لئلا يشبهوا من يقوم له .
وقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=707584 "اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد" .
وفي الصحيحين عنه أنه قال [في] مرض موته :
nindex.php?page=hadith&LINKID=689278 "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" يحذر ما فعلوا . قالت
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة : ولولا ذلك لأبرز قبره ، ولكن كره أن يتخذ مسجدا .
وفي السنن عنه أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=99785 "لا تتخذوا بيتي عيدا ، وصلوا علي حيثما كنتم ، فإن صلاتكم تبلغني" .
وفي الصحيح عنه أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=653189 "لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم ، فإنما أنا [عبد] فقولوا : عبد الله ورسوله" .
فهذه النصوص وغيرها تبين أنه نهاهم عن الشرك به والغلو فيه ، وسد هذه الذريعة بنهيهم أن يتخذوا قبره مسجدا ، وأن يقولوا
[ ص: 120 ] ما شاء الله وشاء
محمد ، وأنه دفن في بيته ولم يظهر قبره خوف الإشراك .
وإذا كان كذلك ، والقسم بالمخلوق شرك بالمخلوق ، والشرك لا يجوز به ولا بغيره ، فلا يجوز القسم به ، كما قال الجمهور ، ولا تنعقد اليمين به ، ولا يجب بذلك كفارة .