[ ص: 166 ] ولما كان
لفظ "القيام" يتضمن القوة والثبات ، وقد يتضمن مع قيام الشيء بنفسه إقامته لغيره ، خص لفظ "القوم" بالرجال دون النساء ، فلا تسمى النساء بانفرادهن "قوما" ، ولكن قد يدخلن في اللفظ تبعا . قال تعالى :
لا يسخر قوم من قوم . . .
ولا نساء من نساء ، فإنه قال :
الرجال قوامون على النساء . ومنه قول الناظم :
وما أدري وظني كل ظن أقوم آل حصن أم نساء
ولما كان "القيام" يقتضي الثبات -وهو ضد الزوال- قال :
ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ، وقال :
إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا . وهو يقتضي الاعتدال مع الثبات ، وهو خلقهما معتدلتين كما قال :
فسواهن سبع سماوات ، وقال :
ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت . والعدل لازم في كل مخلوق ، ومأمور به كل أحد ، كما قد بسط في قوله :
الذي خلق فسوى .
ولما في لفظ "القيام" من العدل سمي ما يساوي المبيع : قيمة
[ ص: 167 ] عدل ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=652338 "من أعتق شركا له في عبد ، وكان له من المال ما يبلغ ثمن العبد ، قوم عليه قيمة عدل لا وكس ولا شطط ، فأعطي شركاؤه وعتق عليه العبد" .
وكذلك يسمى تعديل الحساب تقويما ، فإذا جمعت حركة الشمس والقمر وغيرهما السريعة والبطيئة ، وأحد يعدل ذلك ، سمي ذلك تعديلا وتقويما ، ويسمى ما يكتب فيه ذلك تقويما ، كما يصنع بالمكان إذا أخذ مغله في إقباله وإدباره ، فإنه يوجد معدل ذلك ، ويقوم باعتبار ذلك .
ويقال : قامت السوق ، إذا حصل فيها التبايع بالتراضي الذي هو أصل العدل ، ولا بد أن يبقى ذلك زمنا ، ففي قيام السوق معنى العدل والثبات ، قال الشاعر :
أقامت سوقها عشرين عاما
ومنه قوله تعالى :
إلا ما دمت عليه قائما ، أي يقوم عليه كما يقوم القيم على ما يقوم عليه وإن كان جالسا معه . والإقامة أبلغ من القيام ، فإن فيها زيادة الهمزة والزيادة لزيادة المعنى ، وهي تقتضي من الثبات والدوام أبلغ مما يدل عليه لفظ القيام . والمقام بالمكان هي السكنى فيه واستيطانه ، والمقيم خلاف المسافر .