فبين الله بهذه الآية أنه خلقهم لعبادته التي أرادها منهم، فهي مراده ومطلوبه، لا يريد منهم أن يرزقوه، ولا أن يطعموه، لأنه لما نفى الإرادة عن الرزق وإطعامه، دل على إثباتها للعبادة، وفي إثباتها للعبادة ونفي إرادة الرزق والإطعام دليل على أن له حقا عليهم [ ص: 46 ] يريده منهم، وهو محب له، راض به.
ففي هذا الحديث أن النصف الأول- وهو الحمد والثناء والتمجيد والعبادة- لله تعالى، والنصف الثاني- وهو الاستعانة والمسألة- للعبد، هذا مع العلم بأن العبد يثاب على حمده وثنائه وعبادته، وقد يحصل له بذلك من الثواب أكثر مما يحصل بالاستعانة والسؤال، [و] [ ص: 48 ] لا بد أن تكون للنصف الذي هو للرب خاصية تعود إلى الرب، تميزها عن نصف العبد، وإلا فإذا كان للعبد في كلاهما أجر وثواب، فتخصيص أحدهما بأنه للرب، لا بد فيه من خاصية للرب.