والكلام في
مسألة السماع كثير منتشر، وقد كتب فيه في غير هذا الموضع مما لا يتسع هذا الموضع لإعادته، وذكر فيه الكلام على من حضره منا ومن أهل الخير والدين والصدق، وأن لهم في ذلك من التأويلات ما لأمثالهم، فإن المجتهد المخطئ يغفر الله له خطأه، ويثيبه
[ ص: 105 ] على حسن قصده وما يفعله من الطاعة. ومن استفرغ وسعه في طلب رضا الله فاتقى الله ما استطاع كان من عباد الله الصالحين، وإن كان قد أخطأ في بعض ما اجتهد فيه، كالذين استحلوا الدرهم بالدرهمين من السلف، والذين استحلوا متعة النساء منهم، والذين استحلوا بعض الأنواع المسكرة، والذين استحلوا القتال في « الجمل» و « صفين» و « الحرة» وفتنة
nindex.php?page=showalam&ids=12582ابن الأشعث وغير ذلك. ولما سئل
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد عن التغبير فقال: إنه محدث، ونهى عن حضوره، فقيل له عن أهله: أيهجرون؟ فقال: لا يبلغ بهم هذا كله.
فيجب بيان الحق الذي بعث الله به رسوله، وبيان أنه لا حرام إلا ما حرمه ولا دين إلا ما شرعه الله، وأن من اجتهد من أهل العلم والدين فحرم أشياء بتأويله واجتهاده وهي مما حرمه الله، أو اتخذ دينا باجتهاده ظن أنه من دين الله، ولم يكن في نفس الأمر من دين الله، فله حكم أمثاله من أهل الاجتهاد، ويعطى حقه ويثنى عليه بما فيه من العلم والدين، وإن لم يجز اتباعه فيما أخطأ فيه وخالف فيه سنة الرسول مع اجتهاده وتأويله، فهذا أصل.
والأصل الثاني: أن
كرامات أولياء الله يكون سببها فعل ما أمر الله به ورسوله من الواجب والمستحب، ثم السابقون المقربون من الأولياء
[ ص: 106 ] المتبعون يستعملونها فيما يقرب إما حجة للدين، وإما حاجة للمسلمين، والمقتصدون يستعملونها في أمور مباحة، وأما استعمالها فيما حرم الله ورسوله كالظلم والعدوان فمحرم.
وأما ما كان سببه بدعة، كالأحوال التي تحصل لأهل السماع البدعي، فهي أمور شيطانية يضل بها الشيطان أهل الجهل، ويغوي بها أهل الغي، وهذا وهذا يبطل بحقائق الإيمان، كقراءة آية الكرسي وغيره مما يطرد الشيطان، والله أعلم.