ولو
نذر إتيان بيت المقدس لزمه الوفاء بما ينذره في مذهب مالك والشافعي، [و] في قوله الآخر لا يلزم، قالوا: لأنه لا يلزم بالنذر إلا ما كان واجبا بالشرع، وهو إتيان مكة خاصة; فإن إتيان مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وبيت المقدس مستحب ليس بواجب. والصحيح الأول، فإنه قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «
nindex.php?page=hadith&LINKID=656202من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه».
فصل: إذا عرف هذا فليس في بيت المقدس بل ولا في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم عبادة يختص بها، بل العبادات المشروعة فيهما مشروعة في سائر المساجد، كالصلاة والاعتكاف والذكر والدعاء والقراءة ونحو ذلك. وهذا بخلاف المسجد الحرام، فإنه مشروع فيه ما لا يشرع في غيره; وهو الطواف به، واستلام ركنيه اليمانيين، وتقبيل الحجر الأسود الذي فيه. فإن ذلك عبادة تختص بالمسجد الحرام باتفاق المسلمين، ولا يشرع في غيره من المساجد لا طواف ولا استلام شيء من الأشياء.
[ ص: 417 ] فليس في بيت المقدس ما يطاف به لا الصخرة ولا غيرها، بل وكذلك مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيه ما يقبل ويستلم، لا الحجرة النبوية -على ساكنها أفضل الصلاة والسلام- ولا غير ذلك.
وهذا كله متفق عليه بين أئمة المسلمين، ليس منهم من استحب ببيت المقدس أو بغير المسجد الحرام من المساجد لا طوافا ولا تقبيلا ولا استلاما ونحو ذلك، ولا فعل شيئا من ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أئمة الأمة، ولا من يقتدى به من السلف. بل
من اتخذ الطواف بالصخرة عبادة أو بغير البيت فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل.