وأصل دين الإسلام: أنهم ليس لهم بقعة يقصدونها بالعبادة فيها; إلا أن يكون مسجدا. فليس من دينهم قصد مغارة بجبل ولا أثر نبي ولا غير ذلك، ولكن جعلت الأرض كلها لهم مسجدا. وبحكم العموم والإباحة فلهم أن يصلوا حيث شاءوا من غير قصد تخصيص بقعة إلا المواضع المنهي عنها كأعطان الإبل والمقبرة والحمام.
ثم المساجد قد حرم الله عليهم أن يبتنوها على قبر، وأن يتخذوا القبر مسجدا; فإن ذلك من أصول الشرك، كما قال تعالى:
وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا وقد أضلوا كثيرا ولا تزد الظالمين إلا ضلالا [نوح: 23 - 24]. قال طائفة من السلف: هؤلاء كانوا
[ ص: 428 ] قوما في قوم نوح فلما ماتوا عكفوا على قبورهم وصوروا تماثيلهم، ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم.
ولهذا كانت
زيارة القبور على وجهين: زيارة شرعية، وزيارة بدعية.
فالزيارة الشرعية: مقصودها السلام على الميت والدعاء إن كان الميت مؤمنا، وتذكر الموت سواء كان مؤمنا أو كافرا، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «
nindex.php?page=hadith&LINKID=678074استأذنت ربي في أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي، واستأذنته في أن أزور أمي فأذن لي; فزوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة».
وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقول أحدهم: «
nindex.php?page=hadith&LINKID=668274السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، ويرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية».
والزيارة لقبر المؤمن -نبيا كان أو غير نبي- من جنس الصلاة على جنازته، يدعى له إذا صلي على جنازته.
[ ص: 429 ]