فصل
شبه الإباحية :
اعتقادهم أن لا فائدة في الحسنات ولا مضرة في السيئات ؛ لأن الله لا ينتفع ولا يتضرر .
والثانية : أنها وإن كانت منفعة أو مضرة فرحمة الله واسعة ، فلا حساب ، وينعم بلا عمل .
والثالثة :
اعتقادهم أن الذي جاءت به الرسل فوق قوى البشر ، لاعتقادهم أنهم طلبوا ترك الشهوات مطلقا فعسروا الاعتقاد فرجعوا عنه .
الرابعة :
اعتقادهم أن القدر يسوق إلى السعادة والشقاء بلا عمل ، فهو حلال بالقدر العلمي .
الخامسة :
اعتقادهم أن ما شاء الله وقضاه فإنه أمر به ويرضاه كما ضلت قريش ، وهذا القدر العملي .
السادسة :
اعتقاد من تعبد وتزهد ونال أحوالا من الكشوف والتأثير إما صحيحة أو فاسدة أن . . . . . . . . . . . . . . لا يضر مثله ، وإن ضرت العامة فلا يضرهم ترك واجب ولا فعل محرم .
[ ص: 30 ]
السابعة :
اعتقادهم أن المقصود من الشرائع قد حصل لهم لوصولهم إلى عين الحقيقة ، فما بقيت الأعمال تنفعهم بل ضرتهم . والفرق بين هؤلاء وأولئك أن الأول قد يرى في فعل الحسنات وترك السيئات فائدة لهم ، لكن لا يرى ذلك واجبا ، وهؤلاء لا يرون في ذلك فائدة ، بل يرون فعل الواجب وترك المحرم مضرة أو عناء .
الثامنة :
إنكار ما جاءت به الرسل من الوعيد ، وظن أن ذلك تلبيس أو ربط للعامة .
التاسعة :
ظن أن العلم والعمل حجاب ووقوف مع السبب ، والفقير لا يقف مع شيء .
العاشرة :
اعتقاد كثير من الفلاسفة أن الشرائع لمصلحة الدنيا ، إذ الإنسان مدني بالطبع ، فلا بد من قانون يقوم . . . . . . في معاوضته ومفاوضته ، فيجعلونها بمنزلة السياسة الملكية ، لكن سياسة الملك المقترنة بزمان ومكان مسلمة كولاية القاضي ، وسياسة النبي أعم من ذلك بمنزلة فتوى الفقيه وقواعد أئمة المذاهب . وإذا كانت لمصلحة الدنيا فقط ، فالمتخلي عن الدنيا لا يكثر منها ، والداخل فيها إذا كان فاضلا أمكنه أن يختص بما لا يضر غيره . وعلى ذلك يتناولون يسير الخمر أو كثيرها أحيانا ، ويرتكبون بعض الفواحش سرا .
فجماعهم في السمعيات على باطن يخالف الظاهر ، أو خصوص من العموم ، ولهذا يسمون الممتثلين للشريعة متمسكين بالظاهر
[ ص: 31 ] وحافظين لمرتبة العموم .
وعمدتهم إما شبه قياسية أو ذوقية ، وربما قد يتأولون قياس بعض الظواهر ، وحجتهم تقليد كبير في أنفسهم ذي فضل علم أو ذي حال أو ذي سلطان . وقد صنف
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي في مخاطرهم كتابا ، لكن أمرهم أكبر من أن يكتفى فيه بمثل ذلك الكتاب ، فإن الرسل إنما بعثت إلى الخلق بعد حال هؤلاء ، إذ هم أعداء الرسل ، فإن الرسل بعثت بخبر وطلب ، فالخبر له التصديق ، والأمر له الطاعة ، وهؤلاء انحلوا عن طاعة الرسل ، وانحلوا أيضا عن تصديقهم في كثير مما أخبروا به أو أكثره ، فهم الكفار المعادون للرسل ، وأولهم إبليس ، ومنهم قوم
نوح وعاد وثمود وسائر أعداء الرسل ، لكن كفر أكثرهم كفر المنافقين ، إذ أقاموا في دولة المسلمين فيبطنون خلاف ما يظهرون . والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله على محمد وآله .
[ ص: 32 ]