[ ص: 77 ] بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده لا شريك له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما .
قاعدة في جماع الدين
قال الله تعالى :
لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب [الحديد :25] ، أخبر سبحانه أنه أنزل معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ، وأنزل الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس ، فالكتاب يهدي والحديد ينصر ، وكفى بربك هاديا ونصيرا .
فأول ما أنزل على الرسول الأمر بقراءة الكتاب بقوله :
اقرأ باسم ربك الذي خلق [العلق :1] ، فلما هاجر إلى دار النصر أذن له أن يقاتل بالحديد ، فالكتاب هو العلم ، والحديد هو القدرة ، وكلاهما سلطان ، والكتاب قيام الصلاة ، والحديد قيام الجهاد ، ولهذا كانت أكثر الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة والجهاد ، وكان الأمير يتولاهما جميعا ، أمير الحرب هو إمام الصلاة ، وكلاهما فيه الصف الذي يحبه الله ، وكلاهما فيه الطاعة والجماعة . ولهذا كان أول ما نزل من القرآن :
اقرأ باسم ربك الذي خلق ،
[ ص: 78 ] فأول هذه السورة الأمر بالقراءة ، وآخرها الأمر بالسجود
واسجد واقترب [العلق :19] .
والصلاة أقوال وأعمال ، فأفضل أقوالها القراءة ، وهو أوكد أركانها القولية ، وأفضل أعمالها السجود ، وهو أوكد أركانها الفعلية . وقد اختلف العلماء
أيهما أفضل ؟ كثرة الركوع والسجود أو طول القيام ؟ على ثلاثة أقوال هي ثلاث روايات عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، أصحها أنهما سواء ، فإن فضل الركوع والسجود يعادله فضل القراءة . ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يسوي بينهما ، فإذا أطال أحدهما أطال الآخر ، كما في قيام الليل وصلاة الكسوف ، وبالعكس .
وهذان الركنان مشروعان على سبيل الاستقلال ، فإن القرآن يقرأ خارج الصلاة ، والسجود يفعل مفردا في سجود التلاوة والشكر والسهو ، وآخر السور
إذا جاء نصر الله والفتح [النصر :1] ، وهو تمام مقصود الجهاد .
ولهذا كان
خواص الأمة صنفين : العلماء أهل القرآن ، والأمراء أهل السيف ، وهم أولو الأمر الذين قال الله فيهم :
أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم [النساء :59] ، فهؤلاء أولو الأمر .