وأما الضالون فاتخذوه دينا ، كما قال تعالى :
اتخذوا دينهم لهوا ولعبا [الأعراف :51] ، فلهوا عن الحق ولعبوا بالباطل . وهذا شأن هذه السيئات المنهي عنها من الأغاني ونحوه كالخمر ، فإنها تصد عن الحسنات المأمور بها من الذكر والصلاة والعلم النافع والعمل الصالح ، وتوقع في مفاسد بحسبها ، كما توقع الخمر في العداوة والبغضاء ، إما في زنا وإما في نفاق ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود :
الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل .
فخمر الجسم هي الشراب وتسكر صاحبها ، وخمر النفس هي الصور والعشق ، وهي تسكر صاحبها ، وخمر الأرواح الصوت المطرب
[ ص: 88 ] وسماعه ، وهو يسكر صاحبه . ولهذا قد يحصل لأهله مع الأحوال من العداوة والبغضاء والعربدة ، من جنس ما يحصل للشرب المجتمعين على الحميا .
وكما دخلت
الصابئة بسبب انحراف بعض أصحابنا الصوفية إلى القدر المشترك في الصوت والصور ، دخلوا أيضا في الشرك من تعظيم القبور وغير ذلك ، كما فعله
ابن سينا وابن الخطيب وقاضي حماة ابن واصل وغيرهم في تقرير
الاستغاثة بالموتى ، بناء على أن الروح المفارقة تعضد الأرواح المستغيثة بها ، وهذا مبدأ الشرك وعبادة الأوثان ، وتعدت العامة ذلك إلى رسم عبادة الأصنام والأوثان ، كما فعل
ابن الخطيب في كتاب الطلاسم والسحر ، وقصدوا أصل الشرك الذي بعث الله الرسل بتحريمه وجعلوه أصل الشرك ، وغيروا بذلك ملة التوحيد التي هي أصل الدين ، كما فعله قدماء المتفلسفة الذين شرعوا من الدين ما لم يأذن به الله .
ومن أسباب ذلك الخروج عن الشريعة الخاصة التي بعث الله بها
محمدا صلى الله عليه وسلم إلى القدر المشترك الذي فيه مشابهة الصابئين أو النصارى أو اليهود ، وهو القياس الفاسد المشابه لقياس الذين قالوا : إنما البيع مثل الربا ، فيريدون أن يجعلوا السماع جنسا واحدا ، والتأله جنسا واحدا ، ولا يميزون بين مشروعه ومبتدعه ، ولا بين المأمور به والمنهي عنه .