8 - ( فصل )
ومن ذلك : اختياره للناس
الإفراد بالحج ، ليعتمروا في غير أشهر الحج . فلا يزال
البيت الحرام مقصودا ، فظن بعض الناس أنه نهى عن المتعة ، وأنه أوجب الإفراد . وتنازع في ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=14وابن الزبير ، وأكثر الناس على
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في ذلك ، وهو يحتج عليهم بالأحاديث الصحيحة الصريحة . فلما أكثروا عليه في ذلك قال : " يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء . أقول لكم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . وتقولون : قال
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر ؟ " وكذلك ابنه
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله كانوا إذا احتجوا عليه بأبيه يقول : " إن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر لم يرد ما تقولون " فإذا أكثروا عليه قال : " أفرسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبعوا ، أم
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ؟ " .
والمقصود : أن هذا وأمثاله سياسة جزئية بحسب المصلحة ، تختلف باختلاف الأزمنة ، فظنها من ظنها شرائع عامة لازمة للأمة إلى يوم القيامة .
ولكل عذر وأجر ومن اجتهد في طاعة الله ورسوله فهو دائر بين الأجر والأجرين ، وهذه السياسة التي ساسوا بها الأمة وأضعافها هي تأويل القرآن والسنة .
ولكن : هل هي من الشرائع الكلية التي لا تتغير بتغير الأزمنة ، أم من السياسات الجزئية التابعة للمصالح ، فتتقيد بها زمانا ومكانا ؟ ومن ذلك :
جمع nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان رضي الله عنه الناس على حرف واحد من الأحرف السبعة التي أطلق لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم القراءة بها ، لما كان ذلك مصلحة . فلما خاف الصحابة رضي الله عنهم على الأمة أن يختلفوا في القرآن ، ورأوا أن جمعهم على حرف واحد أسلم ، وأبعد من وقوع الاختلاف : فعلوا ذلك ، ومنعوا الناس من القراءة بغيره . وهذا كما لو كان للناس عدة طرق إلى البيت ، وكان سلوكهم في تلك الطرق يوقعهم في التفرق والتشتت ، ويطمع فيهم العدو ، فرأى الإمام جمعهم على طريق واحد ، وترك بقية الطرق : جاز ذلك ، ولم يكن فيه إبطال لكون تلك الطرق موصلة إلى المقصود ، وإن كان فيه نهي عن سلوكها لمصلحة الأمة .
[ ص: 20 ] ومن ذلك
تحريق nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه الزنادقة الرافضة وهو يعلم سنة رسول الله في قتل الكافر ، ولكن لما رأى أمرا عظيما جعل عقوبته من أعظم العقوبات ; ليزجر الناس عن مثله . ولذلك قال :
لما رأيت الأمر أمرا منكرا أججت ناري ودعوت قنبرا
وقنبر غلامه . وهذا الذي ذكرناه ; جميع الفقهاء يقولون به في الجملة ، وإن تنازعوا في كثير من موارده .
فكلهم يقول بجواز
وطء الرجل المرأة إذا أهديت إليه ليلة الزفاف ، وإن لم يشهد عنده عدلان من الرجال بأن هذه فلانة بنت فلان التي عقدت عليها ، وإن لم يستنطق النساء أن هذه امرأته اعتمادا على القرينة الظاهرة القوية فنزلوا هذه القرينة القوية منزلة الشهادة .