ومن ذلك : لو
استأجر غلاما ، فوقعت الأكلة في طرف من أطرافه ، بحيث لو لم يقطعه سرى إلى نفسه فقطعه ، لم يضمنه لمالكه .
ومنها : لو
اشترى صبرة طعام في دار رجل ، أو خشبا : فله أن يدخل داره من الدواب والرجال من يحول ذلك ، وإن لم يأذن له المالك وأضعاف أضعاف هذه المسائل ، مما جرى العمل فيه على العرف والعادة ، ونزل ذلك منزلة النطق الصريح ، اكتفاء بشاهد الحال عن صريح المقال .
والمقصود : أن الشريعة لا ترد حقا ، ولا تكذب دليلا ، ولا تبطل أمارة صحيحة .
وقد أمر الله سبحانه بالتثبت والتبين في خبر الفاسق ، ولم يأمر برده جملة .
فإن الكافر الفاسق قد يقوم على خبره شواهد الصدق .
فيجب قبوله والعمل به .
وقد {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13345استأجر النبي صلى الله عليه وسلم في سفر الهجرة دليلا مشركا على دين قومه ، فأمنه ، ودفع إليه راحلته } .
فلا يجوز لحاكم ولا لوال رد الحق بعد ما تبين ، وظهرت
[ ص: 24 ] أماراته لقول أحد من الناس . والمقصود أن "
البينة " في الشرع : اسم لما يبين الحق ويظهره ، وهي تارة تكون أربعة شهود ، وتارة ثلاثة بالنص في بينة المفلس .
وتارة شاهدين ، وشاهدا واحدا ، وامرأة واحدة ، وتكون نكولا ويمينا ، أو خمسين يمينا ، أو أربعة أيمان .
وتكون شاهد الحال في الصور التي ذكرناها وغيرها ، فقوله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=13920البينة على المدعي } أي عليه أن يظهر ما يبين صحة دعواه ، فإذا ظهر صدقه بطريق من الطرق حكم له .