ذكر
استئذان الحجاج بن علاط - رضي الله عنه - من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد فتح خيبر أن يذهب إلى مكة لأخذ ماله قبل وصول الخبر إليها
روى الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس - رضي الله عنه -
nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق ، ومحمد بن عمر عن شيوخه ، قالوا : كان
الحجاج بن علاط بكسر العين المهملة ، وتخفيف اللام ، السلمي بضم السين ، خرج يغير في بعض غاراته ، فذكر له أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بخيبر ، فأسلم ، وحضر مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانت
أم شيبة ابنة عمير بن هاشم - أخت
مصعب بن عمير العبدري - امرأته ،
وكان
الحجاج مكثرا ، له مال كثير ، وله معادن الذهب التي بأرض
بني سليم - بضم السين ، فقال : يا رسول الله ، ائذن لي ، فأذهب فآخذ مالي عند امرأتي ، فإن علمت بإسلامي لم آخذ منه شيئا ، ومال لي متفرق في تجار أهل
مكة ، فأذن له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول
[ ص: 140 ]
الله ، إنه لا بد لي من أن أقول ، قال «قل»
قال
الحجاج : فخرجت فلما انتهيت إلى
الحرم ، هبطت فوجدتهم
بالثنية البيضاء ، وإذا بها رجال من
قريش يتسمعون الأخبار قد بلغهم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد سار إلى
خيبر ، وعرفوا أنها قرية
الحجاز أنفة ومنعة وريفا ورجالا وسلاحا ، فهم يتحسبون الأخبار ، مع ما كان بينهم من الرهان ، فلما رأوني قالوا :
الحجاج بن علاط عنده - والله - الخبر - ولم يكونوا علموا بإسلامي - يا
حجاج ، إنه قد بلغنا أن القاطع قد سار إلى
خيبر بلد
يهود ، وريف
الحجاز ، فقلت : بلغني أنه قد سار إليها وعندي من الخبر ما يسركم فالتبطوا بجانبي راحلتي ، يقولون : إيه يا
حجاج ؟ ! فقلت : لم يلق
محمد وأصحابه قوما يحسنون القتال غير أهل
خيابر ، كانوا قد ساروا في
العرب يجمعون له الجموع ، وجمعوا له عشرة آلاف فهزم هزيمة لم يسمع بمثلها قط ، وأسر
محمد أسرا ، فقالوا : لا نقتله حتى نبعث به إلى
مكة فنقتله بين أظهرهم بمن قتل منا ومنهم ، ولهذا فإنهم يرجعون إليكم يطلبون الأمان في عشائرهم ، ويرجعون إلى ما كانوا عليه ، فلا تقبلوا منهم ، وقد صنعوا بكم ما صنعوا ، قال : فصاحوا
بمكة ، وقالوا : قد جاءكم الخبر ، هذا
محمد إنما تنتظرون أن يقدم به عليكم فيقتل بين أظهركم ، وقلت : أعينوني على جمع مالي على غرمائي فإني أريد أن أقدم فأصيب من غنائم
محمد وأصحابه ، قبل أن تسبقني التجار إلى ما هناك ، فقاموا فجمعوا إلي مالي كأحث جمع سمعت به ، وجئت صاحبتي فقلت لها : مالي ، لعلي ألحق
بخيبر فأصيب من البيع قبل أن يسبقني التجار .
وفشا ذلك
بمكة ، وأظهر المشركون الفرح والسرور ، وانكسر من كان
بمكة من المسلمين ، وسمع بذلك
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس بن عبد المطلب ، فقعد وجعل لا يستطيع أن يقوم فأشفق أن يدخل داره فيؤذى وعلم أنه يؤذى عند ذلك فأمر بباب داره أن يفتح وهو مستلق فدعا
بقثم ، فجعل يرتجز ويرفع صوته لئلا يشمت به الأعداء ، وحضر باب
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس بين مغيظ ومحزون ، وبين شامت ، وبين مسلم ومسلمة مقهورين بظهور الكفر ، والبغي ، فلما رأى المسلمون
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس طيبة نفسه ، طابت أنفسهم ، واشتدت منتهم ، فدعا غلاما له يقال له
أبو زبيبة ، بلفظ واحدة زبيب العنب ، ولم أجد له ذكرا في الإصابة ، فقال : اذهب إلى
الحجاج فقل له : يقول لك
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس : الله أعلى وأجل من أن يكون الذي جئت به حقا ، فقال له
الحجاج : اقرأ على
أبي الفضل السلام ، وقل له : ليخل لي في بعض بيوته ، لآتيه بالخبر على ما يسره ، واكتم عني ، وأقبل
أبو زبيبة يبشر
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس ، فقال : أبشر يا
أبا الفضل ، فوثب
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس فرحا كأن لم يمسه شيء ، ودخل عليه
أبو زبيبة ، واعتنقه
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس ، وأعتقه ، وأخبره بالذي قاله .
[ ص: 141 ]
فقال
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس : لله علي عتق عشر رقاب ، فلما كان ظهرا ، جاءه
الحجاج ، فناشده الله :
لتكتمن على ثلاثة أيام ، ويقال : يوما وليلة ، فوافقه
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس على ذلك ، فقال : إني قد أسلمت ، ولي مال عند امرأتي ، ودين على الناس ، ولو علموا بإسلامي لم يدفعوه إلي وتركت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد فتح
خيبر ، وجرت سهام الله - تعالى - ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فيها وانتشل ما فيها ، وتركته عروسا بابنة مليكهم
حيي بن أخطب ، وقتل
ابن أبي الحقيق فلما أمسى
الحجاج من يومه خرج وطالت على
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس تلك الليالي ، ويقال : إنما انتظره
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس يوما وليلة ، فلما كان بعد ثلاث ، والناس يموجون في شأن ما تبايعوا عليه ، عمد
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس إلى حلة فلبسها ، وتخلق بخلوق ، وأخذ بيده قضيبا ، ثم أقبل يخطر ، حتى وقف على باب
الحجاج بن علاط فقرعه ، فقالت زوجته : ألا تدخل يا
أبا الفضل ؟ قال : فأين زوجك ؟ قالت : ذهب يوم كذا وكذا ، وقالت : لا يحزنك الله يا
أبا الفضل ، لقد شق علينا الذي بلغك ، قال : أجل ، لا يحزنني الله ، لم يكن بحمد الله إلا ما أحببنا ، فتح الله على رسوله
خيبر ، وجرت فيها سهام الله ورسوله ، واصطفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
صفية لنفسه ، فإن كانت لك حاجة في زوجك فالحقي به ، قالت : أظنك والله صادقا .
ثم ذهب حتى أتى مجلس
قريش وهم يقولون إذا مر بهم : لا يصيبك إلا خير يا
أبا الفضل!! هذا والله التجلد لحر المصيبة ، قال : كلا والله الذي حلفتم به ، لم يصبني إلا خير بحمد الله ، أخبرني
الحجاج بن علاط أن
خيبر فتحها الله على رسوله ، وجرى فيها سهام الله وسهام رسوله ، فرد الله - تعالى - الكآبة التي كانت بالمسلمين على المشركين ، وخرج المسلمون من كان دخل في بيته مكتئبا حتى أتوا
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس فأخبرهم الخبر ، فسر المسلمون .
وقال المشركون [يا لعباد الله] انفلت عدو الله ، - يعني
الحجاج أما والله لو علمنا لكان لنا وله شأن ، ولم ينشبوا أن جاءهم الخبر بذلك .