سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
ذكر تخلف أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه - لما عجز بعيره ، وما وقع في ذلك من الآيات

وروى ابن إسحاق عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : لما سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى تبوك جعل يتخلف عنه الرجل ، فيقولون : يا رسول الله ، تخلف فلان ، فيقول "دعوه فإن يك فيه خير فسيلحقه الله تعالى بكم ، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله تعالى منه" حتى قيل : يا رسول الله ، تخلف أبو ذر وأبطأ به بعيره ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "فإن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم ، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله تعالى منه"

وتلوم أبو ذر على بعيره ، فلما أبطأ عليه أخذ متاعه فحمله على ظهره ، ثم خرج يتبع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماشيا ، قال محمد بن عمر : قالوا : وكان أبو ذر الغفاري يقول : أبطأت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة تبوك من أجل بعيري .

وكان نضوا أعجف ، فقلت أعلفه أياما ثم ألحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعلفته أياما ، ثم [ ص: 444 ] خرجت فلما كنت بذي المروة أذم بي فتلومت عليه يوما فلم أر به حركة ، فأخذت متاعي فحملته . قال ابن مسعود : وأدرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض منازله ،

قال محمد بن عمر : قال أبو ذر : فطلعت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نصف النهار وقد أخذ مني العطش ، فنظر ناظر من المسلمين فقال : يا رسول الله ، إن هذا الرجل يمشي على الطريق وحده ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

"كن أبا ذر" فلما تأمله القوم قالوا : يا رسول الله ، هو والله أبو ذر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رحم الله أبا ذر ، يمشي وحده ، ويموت وحده ، ويبعث وحده


فكان كذلك كما سيأتي في المعجزات في أبواب إخباره - صلى الله عليه وسلم - بأحوال رجال ،

فلما قدم أبو ذر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبره خبره ، فقال "قد غفر الله لك يا أبا ذر بكل خطوة ذنبا إلى أن بلغتني" ووضع متاعه عن ظهره ، ثم استقى فأتي بإناء من ماء فشربه .

التالي السابق


الخدمات العلمية