الباب الرابع في
تاريخ مولده صلى الله عليه وسلم ومكانه
وفيه فصلان: الأول: في بيان يومه، وشهره، وعامه.
الصواب: أنه صلى الله عليه وسلم ولد يوم الاثنين.
روى الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود عن أبي
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة رضي الله عنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=658985أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن يوم الاثنين فقال: "ذاك يوم ولدت فيه. أو قال أنزل علي فيه".
وروى
يعقوب بن سفيان عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين واستنبئ يوم الاثنين، وتوفي يوم الاثنين، ورفع
الحجر الأسود يوم الاثنين.
وفي بعض الطرق عند
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر: وأنزلت سورة المائدة يوم الاثنين:
اليوم أكملت لكم دينكم وكانت وقعة
بدر يوم الاثنين.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر : المحفوظ أن وقعة
بدر ونزول:
اليوم أكملت لكم دينكم يوم الجمعة.
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14413الزبير بن بكار nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر عن
معروف بن خربوذ رحمه الله تعالى قال: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين حين طلع الفجر.
وقال
الحافظ أبو الفضل العراقي في المورد: الصواب أنه صلى الله عليه وسلم ولد في النهار، وهو الذي ذكره أهل السير. وحديث أبي
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة مصرح به.
وروى الأربعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب رحمه الله تعالى قال: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عند إبهار النهار، وجزم به
nindex.php?page=showalam&ids=13138ابن دحية، وصححه
الزركشي رحمه الله تعالى في شرح البردة ولبعضهم في ذلك.
يا ساعة فتح الهدى أرفادها لطفا وقد منح الجزا إسعادها لاحت بشهر ربيع الزاكي الذي
فاق الشهور جلالة إذ سادها حيث النبوة أشرقت بمآثر
كالشهب لا يحصي الورى تعدادها حيث الأمانة والرسالة قد بدت
يعلي ل مكة غورها ونجادها
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13138ابن دحية رحمه الله تعالى: وأما ما روي من تدلي النجوم فضعيف، لاقتضائه أن الولادة كانت ليلا.
[ ص: 334 ] قال
الزركشي : وهذا لا يصلح أن يكون تعليلا فإن زمان النبوة صالح للخوارق، ويجوز أن تسقط النجوم نهارا.
شعر:
يا ساعة نلنا السعادة والهنا فيها بخير العالمين محمد
تمت لنا أفراحها بظهوره وتكملت في شهر مولد أحمد
غيره لبعضهم رحمه الله تعالى.
توالت أمور السعد في خير ساعة بمولد خير الرسل في ساعة السعد
فيا طيب أوقات ويا طيب مولد ويا طيب مولود حوى سائر المجد
قال
ابن كثير والحافظ وغيرهما: ثم إن الجمهور على أن ذلك كان في شهر ربيع الأول.
قال
السهيلي : وهو المعروف. ونقل بعضهم فيه الإجماع.
يقول لنا لسان الحال منه وقول الحق يعذب للسميع
فوجهي والزمان وشهر وضعي ربيع في ربيع في ربيع
قال بعض أهل المعاني: كان
مولده صلى الله عليه وسلم في فصل الربيع وهو أعدل الفصول ليله ونهاره معتدلان بين الحر والبرد، ونسيمه معتدل بين اليبوسة والرطوبة وشمسه معتدلة في العلو والهبوط، وقمره معتدل في أول درجة من الليالي البيض، وينعقد في سلك هذا النظام، ما هيأ الله تعالى له صلى الله عليه وسلم من أسماء مربيه ففي الوالدة والقابلة الأمن والشفاء وفي اسم الحاضنة البركة والنماء، وفي مرضعيه صلى الله عليه وسلم الآتي ذكرهما الثواب والحلم والسعد.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق رحمه الله تعالى: لاثنتي عشرة ليلة [خلت] منه ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة في المصنف عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس. قال في الغرر: وهو الذي عمل العمل. وقيل لليلتين خلتا منه وقدمه في الإشارة، وقيل لثمان. ونقل
nindex.php?page=showalam&ids=13332أبو عمر عن أصحاب الزيج أنهم صححوه ورجحه
nindex.php?page=showalam&ids=13138ابن دحية. وقال
الحافظ : إنه مقتضى أكثر الأخبار. وقيل: لعشر. حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=14299الدمياطي عن
جعفر الباقر وصححه. وقيل: لسبع عشرة. وقيل لثماني عشرة، وقيل: في أوله حين طلع الفجر.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق رحمه الله تعالى: عام الفيل. قال
ابن كثير: وهو المشهور عند الجمهور. وقال
إبراهيم بن المنذر الحزامي شيخ
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : وهو الذي لا يشك فيه أحد من
[ ص: 335 ] العلماء. وبالغ
nindex.php?page=showalam&ids=15835خليفة بن خياط وابن الجزار nindex.php?page=showalam&ids=13138وابن دحية nindex.php?page=showalam&ids=11890وابن الجوزي وابن القيم فنقلوا فيه الإجماع.
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم في المستدرك وصححه وأقره
الذهبي في مختصره، وصححه في تاريخه الكبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين، عن
حجاج بن محمد ، عن
يونس بن أبي إسحاق عن أبيه، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفيل.
قال
الحافظ في شرح الدرر: والمحفوظ لفظ العام. وقيل: يطلق اليوم ويراد به مطلق الوقت، كما يقال يوم الفتح، ويوم
بدر، فإن كان المراد حقيقة اليوم فيكون أخص من الأول وبذلك صرح
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في تاريخه فإنه قال:
ولد عام الفيل في اليوم الذي بعث الله فيه الطير الأبابيل على أصحاب الفيل. قال: ثم وجدت الحديث عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود عن
nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين بسنده المذكور قال: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفيل يعني عام الفيل.
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=12181وأبو نعيم nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي عن
المطلب بن عبد الله بن قيس بن مخرمة عن أبيه عن جده قال: ولدت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل كنا لدين.
وسأل
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان قباث بن أشيم الكناني ثم
الليثي: يا
قباث أنت أكبر أم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر مني وأنا أسن منه ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل ووقفت بي أمي على خذق الفيل أخضر محيلا.
مخرمة بفتح الميم وإسكان الخاء المعجمة. ومات على دينه. لدين: قال
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبو ذر المشهور فيه: لدتين بالتاء يقال فلان لدة فلان إذا ولد معه في وقت واحد. قال
الجوهري: لدة الرجل تربه والهاء عوض عن الواو الذاهبة منه، لأنه من الولادة. وهما لدان والجمع لدات ولدون. الترب بكسر التاء المثناة الفوقية وإسكان الراء وبالموحدة: من ولد معك.
قباث بضم القاف ويقال بفتحها، قال
الحافظ : وهو المشهور، ثم موحدة خفيفة ثم مثلثة.
ابن أشيم بمعجمة وتحتانية وزان أحمد.
وعلى هذا فقيل بعد الفيل بخمسين يوما. قال
ابن كثير: وهو أشهر. وصححه
[ ص: 336 ] المسعودي والسهيلي . وزاد أنه الأشهر والأكثر وقيل بزيادة خمس.
وذكر أبو بكر محمد بن موسى الخوارزمي رحمه الله تعالى أن قدوم أصحاب الفيل
مكة لثلاث عشرة ليلة بقيت من المحرم. وقد قال ذلك غيره. وزاد يوم الأحد. وكان أول المحرم تلك السنة يوم الجمعة.
وروى
ابن سعد nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر عن
أبي جعفر الباقر رحمه الله تعالى قال: كان قدوم أصحاب الفيل في النصف من المحرم ومولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده بخمس وخمسين ليلة.
وصحح
الحافظ الدمياطي هذا القول. وقيل بأربعين يوما. وقيل بشهر وستة أيام. وقيل بعشر سنين. وقيل بثلاثين عاما. وقيل بأربعين عاما. وقيل بسبعين عاما.
وقيل لثنتي عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة ثلاث وعشرين من غزوة أصحاب الفيل.
وقيل في صفر. وقيل في ربيع الآخر. وقيل في المحرم لخمس بقين منه. وقيل في عاشوراء.
قال
السهيلي رحمه الله تعالى: أهل الحساب يقولون وافق مولده من الشهور الشمسية نيسان، وكان لعشرين مضت منه.
وقال
الذهبي في تاريخ الإسلام: نظرت في أن يكون صلى الله عليه وسلم ولد في ربيع وأن يكون ذلك في العشرين من نيسان فرأيته بعيدا من الحساب يستحيل أن يكون مولده في نيسان إلا أن يكون مولده في رمضان.
وقال الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=15151أبو الحسن الماوردي رحمه الله تعالى: وافق شهر ربيع من شهور
الروم العشرين من شباط. انتهى. ويقال: شباط بالإعجام والإهمال.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14299الدمياطي رحمه الله تعالى: في برج الحمل. قال في النور: وهذا يحتمل أن يكون في أوائل نيسان وأن يكون في آذار. ثم قال
السهيلي . وولد بالغفر من المنازل وهو مولد النبيين، ولذا قيل:
خير منزلتين كانت في الأبد هو ما بين الزباني والأسد
لأن الغفر يليه من العقرب زبانيها، ولا ضرر في الزبانين إنما تضر العقرب بذنبها، ويليه من الأسد أليته وهو السماك والأسد لا يضر بأليته وإنما يضر بمخلبه ونابه.
[ ص: 337 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13138ابن دحية: أظن
السهيلي نسي السنبلة وظن أن السماك من الأسد.
قال
أبو عبد الله بن الحاج رحمه الله تعالى في المدخل: فإن قال قائل: ما
الحكمة في كونه صلى الله عليه وسلم خص مولده بشهر ربيع وبيوم الاثنين على الصحيح المشهور عند أكثر العلماء، ولم يكن في شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن وفيه ليلة القدر، واختص بفضائل عدة، ولا في الأشهر الحرم التي جعل الله لها الحرمة يوم خلق السماوات والأرض، ولا في ليلة النصف من شعبان، ولا في يوم الجمعة ولا في ليلتها؟
فالجواب من أربعة أوجه: الأول: ما ورد في الحديث من أن الله تعالى خلق الشجر يوم الاثنين. وفي ذلك تنبيه عظيم وهو أن خلق الأقوات والأرزاق والفواكه والخيرات التي يمتد بها بنو
آدم ويحيون ويتداوون وتنشرح صدورهم لرؤيتها وتطيب بها نفوسهم وتسكن خواطرهم عند رؤيتها لاطمئنان نفوسهم لتحصيل ما يبقي حياتهم، على ما جرت به حكمة الحكيم سبحانه وتعالى.
فوجوده صلى الله عليه وسلم في هذا الشهر في هذا اليوم قرة عين بسبب ما وجد من الخير العظيم والبركة الشاملة لأمة
محمد صلى الله عليه وسلم.
الوجه الثاني: أن ظهوره صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع فيه إشارة ظاهرة لمن تفطن لها بالنسبة إلى اشتقاق لفظة ربيع إذ أن فيه تفاؤلا حسنا وبشارة لأمته صلى الله عليه وسلم.
وقد قال الشيخ الإمام
أبو عبد الرحمن الصقلي رحمه الله تعالى: لكل إنسان من اسمه نصيب. هذا في الأشخاص وكذلك في غيرها، وإذا كان كذلك ففصل الربيع فيه تنشق الأرض عما في باطنها من نعم المولى سبحانه وتعالى وأرزاقه التي بها قوام العباد وحياتهم ومعايشهم وصلاح أحوالهم، فتنفلق الحبة والنوى وأنواع النبات والأقوات المقدرة فيها، فتبهج الناظر عند رؤيتها وتبشره بلسان حالها بقدوم ينعها. وفي ذلك إشارة عظيمة إلى الاستبشار بابتداء نعم المولى سبحانه وتعالى، ألا ترى أنك إذا دخلت إلى البستان في مثل هذه الأيام تنظر إليه كأنه يضحك لك، وتجد زهرة كأن لسان حاله يخبرك بما لك من الأرزاق المدخرة والفواكه. وكذلك الأرض إذا أبهج نوارها كأنه يحدثك بلسان حاله كذلك أيضا.
فمولده صلى الله عليه وسلم في شهر ربيع فيه من الإشارات ما تقدم ذكر بعضه. وذلك إشارة ظاهرة من المولى تبارك وتعالى إلى التنويه بعظيم قدر هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وإنه رحمة للعالمين. وبشرى للمؤمنين. وحماية لهم من المهالك والمخاوف في الدارين وحماية للكافرين بتأخير
[ ص: 338 ] العذاب عنهم لأجله صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى:
وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم فوقعت البركات وإدرار الأرزاق والأقوات. ومن أعظمها منته على عباده لهدايته عليه الصلاة والسلام لهم إلى صراط الله المستقيم.
الوجه الثالث: ما في شريعته صلى الله عليه وسلم من شبه الحال، ألا ترى أن فصل الربيع أعدل الفصول وأحسنها إذ ليس فيه برد مزعج ولا حر مقلق، وليس في ليله ولا نهاره طول خارق، بل كله معتدل وفصله سالم من العلل والأمراض والعوارض التي يتوقعها الناس في أبدانهم في زمان الخريف، بل الناس فيه تنتعش قواهم وتنصلح أمزجتهم وتنشرح صدورهم لأن الأبدان يدركها فيه من أمداد القوة ما يدرك النبات حين خروجه، إذ منها خلقوا، فيطيب ليلهم للقيام ونهارهم للصيام، لما تقدم من اعتداله في الطول والقصر والحر والبرد، فكان في ذلك شبه الحال بالشريعة السمحة التي جاء بها صلوات الله وسلامه عليه من رفع الإصر والأغلال التي كانت على من قبلنا.
الوجه الرابع: أنه قد شاء الحكيم سبحانه وتعالى أنه صلى الله عليه وسلم تتشرف به الأزمنة والأمكنة لا هو يتشرف بها، بل يحصل للزمان أو المكان الذي يباشره عليه الصلاة والسلام الفضيلة العظمى والمزية على ما سواه من جنسه إلا ما استثني من ذلك لأجل زيادة الأعمال فيها وغير ذلك، فلو ولد صلى الله عليه وسلم في الأوقات المتقدم ذكرها لكان قد يتوهم أنه يتشرف بها فجعل الحكيم جل جلاله مولده صلى الله عليه وسلم في غيرها ليظهر عظيم عنايته سبحانه وتعالى وكرامته عليه.
الفصل الثاني: في مكانه:
اختلف: هل ولد بمكة أو غيرها؟ والصحيح الذي عليه الجمهور هو الأول.
وعليه فاختلف في مكانه من
مكة على أقوال: أحدها: في الدار التي في الزقاق المعروف بزقاق المولد في شعب مشهور بشعب
بني هاشم . وكانت بيد
عقيل. قال
nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير رحمه الله تعالى: قيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهبها
nindex.php?page=showalam&ids=222عقيل بن أبي طالب فلم تزل بيده حتى توفي عنها فباعها ولده من
محمد بن يوسف أخي
الحجاج، وقيل إن
عقيلا باعها بعد الهجرة تبعا
لقريش حين باعوا دور
المهاجرين.
الثاني: أنه صلى الله عليه وسلم ولد في شعب
بني هاشم . حكاه
الزبير.
الثالث: أنه ولد صلى الله عليه وسلم
بالردم.
الرابع:
بعسفان. [ ص: 339 ]