تنبيهات
الأول :
تبوك - بفتح الفوقية وضم الموحدة وهي أقصى أثر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي في طرف
الشام من جهة القبلة ، وبينها وبين
المدينة المشرفة اثنتا عشرة مرحلة . قال في النور :
وكذا قالوا ، وقد سرناها مع الحجيج في اثنتي عشرة مرحلة ، وبينها وبين
دمشق إحدى عشرة مرحلة . والمشهور ترك صرفها للعلمية والتأنيث . وفي حديث
كعب السابق : ولم يذكرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بلغ
تبوكا كذا في جميع النسخ في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وأكثر نسخ صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم تغليبا للموضع ، وكذا قال
النووي والحافظ وجمع . قال في التقريب : وهو سهو لأن علة منعه كونه على مثال الفعل "تقول" فالمذكر والمؤنث في ذلك سواء .
قال في الروض تبعا
لابن قتيبة :
سميت الغزوة بعين تبوك ، وهي العين التي أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا يمسوا من مائها شيئا
فسبق إليها رجلان ، وهي تبض بشيء من ماء فجعلا يدخلان فيها سهمين ليكثر ماؤها ، فسبهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما زلتما تبوكانها منذ اليوم ، فلذلك سميت العين تبوك .
البوك كالنقش والحفر في الشيء ، ويقال :
منه باك الحمار الأتان يبوكها إذا نزا عليها . قال الحافظ : وقعت تسميتها بذلك في الأحاديث الصحيحة
nindex.php?page=hadith&LINKID=661237إنكم ستأتون غدا عين تبوك . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم . قلت : صريح الحديث دال على أن تبوك اسم على ذلك الموضع الذي فيه العين المذكورة . والنبي - صلى الله عليه وسلم - قال هذا القول قبل أن يصل تبوك بيوم . وذكرها في المحكم في الثلاثي الصحيح ، وذكرها
ابن قتيبة والجوهري وابن الأثير وغيرهم في المعتل في بوك .
الثاني : وقع في الصحيح ذكرها بعد حجة الوداع . قال الحافظ : وهو خطأ ، ولا خلاف أنه قبلها ولا أظن ذلك إلا من النساخ ، فإن
غزوة تبوك كانت في رجب سنة تسع قبل حجة الوداع بلا خلاف . وعند ابن عائذ من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أنها كانت بعد
الطائف بستة أشهر .
[ ص: 480 ]
وليس مخالفا لقول من قال إنها في رجب إذا حذفنا الكسور لأنه - صلى الله عليه وسلم - قد دخل
المدينة من رجوعه إلى
الطائف في ذي الحجة .
الثالث :
قول
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=654063خذ هذين القرينين وهذين القرينين ، أي الجملين المشدودين أحدهما إلى الآخر
لستة أبعرة ، لعله قال : هذين القرينين ثلاثا ، فذكر الرواة مرتين اختصارا .
ولأبي ذر عن
الحموي والمستملي : وهاتين القرينتين وهاتين القرينتين ، أي الناقتين . وفي رواية في باب قدوم
الأشعريين وأهل اليمن في الصحيح :
فأمر لنا بخمس ذود . وفي باب الاستثناء في الأيمان بثلاثة ذود . والرواية الأولى تجمع بين الروايات ، فلعل رواية الثلاثة باعتبار ثلاثة أزواج ، ورواية الخمس باعتبار أن أحد الأزواج كان قرينه تبعا فاعتد به تارة ولم يعتد به أخرى ، ويمكن أن يجمع بينهما بأنه أمر لهم بثلاثة ذود أولا ثم زادهم اثنين ، فإن لفظ زهدم أحد رواة الحديث : ثم أتي بنهب ذود غر الذرى فأعطانا خمس ذود فوقعت في رواية زهدم جملة ما أعطاهم ، ورواية
غيلان : مبدأ ما أمر لهم به ولم يذكر الزيادة ، وأما رواية : خذ هذين القرينين ثلاث مرار ، وفي رواية : ستة أبعرة ، فعلى ما تقدم أن تكون السادسة كانت تبعا فلم تكون ذودتها موصوفة بذلك ، قال الحافظ في رواية : ستة أبعرة إما أن يحمله على تعدد القصة أو زاداهم على الخمس واحدا .
الرابع : في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=660119أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنهب إبل فأمر لنا بخمس ذود . وفي رواية بعد
قوله "خذ هذين القرينين"
ابتاعهن من
سعد ولم ينبه الحافظ على الجمع بين الروايتين فيحتمل - والله أعلم - أن يكون ما جاء من النهب أعطاه لسعد ثم اشتراه منه لأجل
الأشعريين ، ويحتمل على التعدد .
الخامس : قال الحافظ : إنما غلظ الأمر على
كعب وصاحبيه وهو جروا ، لأنهم تركوا الواجب عليهم من غير عذر لأن الإمام إذا استنفر الجيش عموما لزمهم النفير ولحق اللوم بكل فرد ، أي لو تخلف قال
nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال : إنما اشتد الغضب على من تخلف وإن كان الجهاد فرض كفاية لكنه في حق الأنصار خاصة فرض عين لأنهم بايعوا على ذلك ، ومصداق ذلك قولهم وهم يحفرون الخندق :
نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا
وكأن تخلفهم عن هذه الغزوة كبيرة لأنها كالنكث لبيعتهم قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال : قال
السهيلي : ولا أعرف له وجها غير الذي قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12997ابن بطال . قال الحافظ : قد ذكرت وجها غير الذي ذكره ، ولعله أقعد ويؤيده قوله سبحانه وتعالى :
ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله الآية . وعند الشافعية : أن الجهاد كان فرض عين في
[ ص: 481 ]
زمنه - صلى الله عليه وسلم - فعلى هذا فيتوجه العتاب على كل من تخلف مطلقا .
السادس : قول
أبي قتادة لما سأله
كعب : الله ورسوله أعلم . قال القاضي : لعل
أبا قتادة لم يقصد بهذا تكليمه ، لأنه منهي عن كلامه . وإنما قال ذلك لنفسه لما ناشده ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=60أبو قتادة مظهرا لاعتقاده لا ليسمعه .
السابع : قول كعب : قال لي بعض أهلي . قال في النور : الظن أن القائل له من بعض أهله امرأة ، وذلك أن النساء لم يدخلن في النهي ، لأن في الحديث "ونهى المسلمين عن خطابنا" وهذا الخطاب لا يدخل فيه النساء ، وأيضا فإن امرأته ليست داخلة في النهي ، فدل على أن المراد الرجال ، وقال الحافظ : لعل القائل بعض ولده أو من النساء ، ولم يقع النهي عن كلام الثلاثة للنساء اللائي في بيوتهن أو أن الذي كلمه كان منافقا أو الذي يخدمه . ولم يدخل في النهي .
الثامن : قال في النور : لعل
الحكمة في هجران كعب وصاحبيه خمسين ليلة أنها كانت مدة غيبته - صلى الله عليه وسلم - لأنه خرج في رجب على ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق ، وقدم في رمضان ، وقال بعضهم : في شعبان ، وتقدم أنه أقام في تبوك بضعة عشر يوما ، ويقال عشرين ، هذا ما ظهر لي وأنت من روائها للبحث والتنقيب .
التاسع :
دل صنع كعب بكتاب ملك غسان على قوة إيمانه ومحبته لله - تبارك وتعالى - ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وإلا فمن صار في مثل حاله من الهجر والإعراض قد يضعف عن احتمال ذلك ، وتحمله الرغبة في الجاه والمال على هجران من هجره ، ولا سيما مع أنه من الملك الذي استدعاه إليه ، لأنه لا يكرهه على فراق دينه لكن لما احتمل عنده أنه لا يأمن من الافتتان حسم المادة وأحرق الكتاب ومنع الجواب ، هذا مع كونه من البشر الذين طبعت نفوسهم على الرغبة ولا سيما مع الاستدعاء والحث على الوصول إلى المقصود من الجاه والمال ، ولا سيما والذي استدعاه قريبه ، ومع ذلك فغلب عليه دينه ، وقوى عنده يقينه ، ورجح ما فيه من النكر والتعذيب على ما دعي إليه من الراحة والتنعيم حبا في الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - كما
قال - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=692409وأن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما .
العاشر : قال بعضهم :
سبب قيام nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة لكعب رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان آخى بينهما لما آخى بين المهاجرين والأنصار ، والذي ذكره أهل المغازي : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أخا
nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير لكن كان
nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير أخا
nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة في أخوة المهاجرين فهو أخو أخيه .
الحادي عشر : استشكل إطلاق
قوله - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=654066أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك
بيوم إسلامه ، فإنه مر عليه بعد أن ولدته أمه ، وهو خير ما مر فقيل هو مستثنى تقديرا ، وإن لم ينطق به لعدم خفائه ، قال الحافظ : "والأحسن في الجواب أن يوم توبته يكمل يوم إسلامه
[ ص: 482 ]
فيوم إسلامه بداية سعادته ويوم توبته مكمل لها ، فهو خير من جميع أيامه ، وإن كان يوم إسلامه خيرها فيوم توبته المضاف إلى إسلامه خير يوم من يوم إسلامه المجرد عنها" .