سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
تنبيهات

الأول : قال في زاد المعاد كان صلى الله عليه وسلم يمشي حافيا ومنتعلا ، قلت : أما مشيه منتعلا فهو أكثر مشيه ، وأما حافيا فذكره الإمام الغزالي في الإحياء أيضا ، واستدل له الحافظ العراقي بما رواه مسلم عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما في عيادته صلى الله عليه وسلم لسعد بن عبادة قال : فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقمنا معه ونحن بضعة عشر ما علينا نعال ولا خفاف ولا قلانس ولا قمص نمشي في السباخ ،

وكان يماشي أصحابه فرادى وجماعة ، يمشون بين يديه ، وهو خلفهم ويقول : «دعوا ظهري للملائكة»
، ومشى في بعض غزواته مرة فأصاب حجر أصبعه فسال منه الدم ، فقال : «هل أنت إلا أصبع دميت ؟ وفي سبيل الله ما لقيت ، وكان في السفر يعقب جميع أصحابه ، ويقوي الضعيف أو يدعو له ، ويحمل المنقطعين ، ويردفهم بعض الأحيان خلفه» .

الثاني : دلت الأحاديث السابقة على أمرين أن مشيته صلى الله عليه وسلم لم تكن مشية بتماوت ولا بمهانة .

الثالث : أراد بقوله : التفت جميعا أنه لا يسارق النظر ، وقيل : لا يلوي عنقه يمنة ولا يسرة إذا نظر إلى الشيء ، وإنما يفعل ذلك الطائش الخفيف ، ولكن كان يقبل جميعا ، ويدبر جميعا- قاله في النهاية- : وفيه أيضا حكمة طبية لأن الالتفات ببعض الجسد ربما كان سببا للقوة .

التالي السابق


الخدمات العلمية