تنبيهات
الأول : قال القاضي : إنما حدثت هذه الآية له صلى الله عليه وسلم بعد ليلة الإسراء كما أن
موسى صلى الله عليه وسلم كان يرى النملة السوداء في الليلة الظلماء من مسيرة عشرة فراسخ بعد ليلة الطور .
الثاني : هذه الرؤية رؤية إدراك ، والرؤية لا تتوقف على وجود آلتها التي هي العين عند أهل الحق ولا شعاع ولا مقابلة ، وهذا بالنسبة إلى الباري تعالى . أما المخلوق فتتوقف
صفة الرؤية في حقه صلى الله عليه وسلم ، وخالق البصر في العين قادر على خلقه في غيرها .
قال
الحراني رحمه الله تعالى : وهذه الآية قد جعلها الله تعالى دالة على ما في حقيقة أمره من الاطلاع الباطن ، لسعة علمه ومعرفته ، لما عرف بربه لا بنفسه أطلعه الله تعالى على ما بين يديه مما تقدم من أمر الله وعلى ما وراء الوقت مما تأخر من أمر الله تعالى . فلما كان على ذلك من الإحاطة في إدراك مدركات القلوب جعل الله تعالى له صلى الله عليه وسلم مثل ذلك في مدركات العيون ، فكان يرى المحسوسات من وراء ظهره كما يراها من بين يديه .
ومن الغرائب ما ذكره
بختيار محب بن محمود الزاهد شارح
القدوري في رسالته الناصرية أنه
صلى الله عليه وسلم كان له بين كتفيه عينان كسم الخياط يبصر بهما لا تحجبهما الثياب . وقيل :
بل كانت صورهم تنطبع في حائط قبلته كما تنطبع في المرآة أمثلتهم فيها فيشاهد أفعالهم .
قال الحافظ : وهذا إن كان نقلا عن الشارع بطريق صحيح فمقبول وإلا فليس المقام مقام رأي ، على أن الأقعد في إثبات كونها معجزة حملها على الإدراك من غير آلة .
وقال
ابن المنير رحمه الله تعالى : لا حاجة إلى تأويله لأنه في معنى تعطيل لفظ الشارع من غير ضرورة .
[ ص: 26 ]
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي : حمله على ظاهره أولى ، لأن فيه زيادة كرامة للنبي صلى الله عليه وسلم وسيأتي ولهذا مزيد بيان في الخصائص .