[روى nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك ، nindex.php?page=hadith&LINKID=656684أن عبد الله بن كعب كان قائد كعب ، من بنيه ، حين عمي . قال : سمعت ابن مالك يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك . قال nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك : لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قط . إلا في غزوة تبوك . غير أني قد تخلفت في غزوة بدر . ولم يعاتب أحدا تخلف عنه . إنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون يريدون عير قريش . حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم ، على غير ميعاد . ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة . حين تواثقنا على الإسلام . وما أحب أن لي بها مشهد بدر . وإن كانت بدر أذكر في الناس منها . وكان من خبري ، حين تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزوة . والله! ما جمعت قبلها راحلتين قط . حتى جمعتهما في تلك الغزوة . فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد . واستقبل سفرا بعيدا ومفازا . واستقبل عدوا كثيرا . فجلا للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم . فأخبرهم بوجههم الذي يريد . والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير . ولا يجمعهم كتاب حافظ ، يريد بذلك الديوان . قال كعب : فقل رجل يريد أن يتغيب ، يظن أن ذلك سيخفى له ، ما لم ينزل فيه وحي من الله عز وجل . وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال . فأنا إليها أصعر . فتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه . وطفقت أغدو لكي أتجهز معهم . فأرجع ولم أقض شيئا .
وأقول في نفسي : أنا قادر على ذلك ، إذا أردت . فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى استمر بالناس الجد . فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غاديا والمسلمون معه . ولم أقض من جهازي شيئا . ثم غدوت [ ص: 377 ]
فرجعت ولم أقض شيئا . فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط الغزو . فهممت أن أرتحل فأدركهم . فيا ليتني فعلت . ثم لم يقدر ذلك لي . فطفقت ، إذا خرجت في الناس ، بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يحزنني أني لا أرى لي أسوة . إلا رجلا مغموصا عليه في النفاق . أو رجلا ممن عذر الله من الضعفاء .
ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك فقال وهو جالس في القوم بتبوك : «ما فعل كعب بن مالك ؟ » قال رجل من بني سلمة : يا رسول الله! حبسه برداه والنظر في عطفيه . فقال له nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل : بئس ما قلت . والله! يا رسول الله! ما علمنا عليه إلا خيرا . فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم . فبينما هو على ذلك رأى رجلا مبيضا يزول به السراب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «كن أبا خيثمة» فإذا هو أبو خيثمة الأنصاري .
وهو الذي تصدق بصاع التمر حين لمزه المنافقون .
فقال nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك : فلما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه قافلا من تبوك ، حضرني بثي . فطفقت أتذكر الكذب وأقول : بم أخرج من سخطه غدا ؟ وأستعين على ذلك كل ذي رأي من أهلي . فلما قيل لي : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادما ، زاح عني الباطل . حتى عرفت أني لن أنجو منه بشيء أبدا . فأجمعت صدقه . وصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادما . وكان إذا قدم من سفر ، بدأ بالمسجد فركع فيه ركعتين ، ثم جلس للناس . فلما فعل ذلك جاءه المخلفون .
فطفقوا يعتذرون إليه ، ويحلفون له . وكانوا بضعة وثمانين رجلا . فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم . وبايعهم واستغفر لهم . ووكل سرائرهم إلى الله . حتى جئت .
فلما سلمت ، تبسم تبسم المغضب ثم قال «تعال» فجئت أمشي حتى جلست بين يديه . فقال لي «ما خلفك ؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك ؟ » قال قلت : يا رسول الله! إني ، والله! لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا ، لرأيت أني سأخرج من سخطه بعذر . ولقد أعطيت جدلا . ولكني ، والله! لقد علمت ، لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني ، ليوشكن الله أن يسخطك علي . ولئن حدثتك حديث صدق تجد علي فيه ، إني لأرجو فيه عقبى الله . والله! ما كان لي عذر . والله! ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أما هذا ، فقد صدق . فقم حتى يقضي الله فيك» فقمت .
وثار رجال من بني سلمة فاتبعوني . فقالوا لي : والله! ما علمناك أذنبت ذنبا قبل هذا . لقد عجزت في أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بما اعتذر به إليه المخلفون . فقد كان كافيك ذنبك ، استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك .
قال : فوالله! ما زالوا يؤنبونني حتى أردت أن أرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأكذب نفسي .
قال ثم قلت لهم : هل لقي هذا معي من أحد ؟ قالوا : نعم . لقيه معك رجلان . قالا مثل ما قلت .
فقيل لهما مثل ما قيل لك . قال قلت : من هما ؟ قالوا : مرارة بن ربيعة العامري ، وهلال بن أمية [ ص: 378 ]
الواقفي . قال فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا ، فيهما أسوة . قال فمضيت حين ذكروهما لي .
قال ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا ، أيها الثلاثة ، من بين من تخلف عنه .
قال ، فاجتنبنا الناس . وقال ، تغيروا لنا حتى تنكرت لي في نفسي الأرض . فما هي بالأرض التي أعرف . فلبثنا على ذلك خمسين ليلة . فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان . وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم . فكنت أخرج فأشهد الصلاة وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحد . وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه ، وهو في مجلسه بعد الصلاة . فأقول في نفسي : هل حرك شفتيه برد السلام ، أم لا ؟ ثم أصلي قريبا منه وأسارقه النظر . فإذا أقبلت على صلاتي نظر إلي . وإذا التفت نحوه أعرض عني حتى إذا طال ذلك علي من جفوة المسلمين ، مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة ، وهو ابن عمي ، وأحب الناس إلي . فسلمت عليه .
فوالله! ما رد علي السلام . فقلت له : يا أبا قتادة! أنشدك بالله! هل تعلمن أني أحب الله ورسوله ؟
قال فسكت . فعدت فناشدته . فسكت فعدت فناشدته . فقال : الله ورسوله أعلم . ففاضت عيناي ، وتوليت ، حتى تسورت الجدار .
فبينا أنا أمشي في سوق المدينة ، إذا نبطي من نبط أهل الشام ، ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة . يقول : من يدل على nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك . قال فطفق الناس يشيرون له إلي . حتى جاءني فدفع إلي كتابا من ملك غسان . وكنت كاتبا . فقرأته فإذا فيه : أما بعد . فإنه قد بلغنا إن صاحبك قد جفاك . ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة . فالحق بنا نواسك . قال فقلت ، حين قرأتها :
وهذه أيضا من البلاء . فتياممت بها التنور فسجرتها بها . حتى إذا مضت أربعون من الخمسين ، واستلبث الوحي ، إذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك . قال فقلت : أطلقها أم ماذا أفعل ؟ قال : لا . بل اعتزلها . فلا تقربنها . قال فأرسل إلى صاحبي بمثل ذلك . قال فقلت لامرأتي : الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر . قال
فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقالت له : يا رسول الله! إن هلال بن أمية شيخ ضائع ليس له خادم . فهل تكره أن أخدمه ؟ قال «لا . ولكن لا يقربنك»
فقالت : إنه ، والله! ما به حركة إلى شيء . ووالله! ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان . إلى يومه هذا .
قال فقال لي بعض أهلي : لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأتك ؟ فقد أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه . قال فقلت : لا أستأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم . وما يدريني ماذا يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا استأذنته فيها ، وأنا رجل شاب . قال فلبثت بذلك عشر ليال . فكمل لنا خمسون ليلة من حين نهي عن كلامنا . قال ثم صليت صلاة الفجر صباح خمسين ليلة ، على [ ص: 379 ]
ظهر بيت من بيوتنا . فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله عز وجل منا . قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت ، سمعت صوت صارخ أوفى على سلع يقول ، بأعلى صوته : يا nindex.php?page=showalam&ids=331كعب بن مالك! أبشر . قال فخررت ساجدا . وعرفت أن قد جاء فرج .
قال فآذن رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بتوبة الله علينا ، حين صلى صلاة الفجر ، فذهب الناس يبشروننا . فذهب قبل صاحبي مبشرون . وركض رجل إلي فرسا . وسعى ساع من أسلم قبلي .
وأوفى الجبل . فكان الصوت أسرع من الفرس . فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني .
فنزعت له ثوبي فكسوتهما إياه ببشارته . والله! ما أملك غيرهما يومئذ ، واستعرت ثوبين فلبستهما . فانطلقت أتأمم رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلقاني الناس فوجا فوجا ، يهنئوني بالتوبة ويقولون :
لتهنئك توبة الله عليك . حتى دخلت المسجد ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد ، وحوله الناس . فقام nindex.php?page=showalam&ids=55طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني . والله! ما قام رجل من المهاجرين غيره .
قال فكان كعب لا ينساها لطلحة .
قال كعب : فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ، وهو يبرق وجهه من السرور ويقول :
«أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك» قال فقلت : أمن عندك ؟ يا رسول الله! أم من عند الله ؟ فقال : «لا . بل من عند الله»
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه . كأن وجهه قطعة قمر . قال وكنا نعرف ذلك .
قال فلما جلست بين يديه قلت : يا رسول الله! إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أمسك بعض مالك . فهو خير لك» قال فقلت : فإني أمسك سهمي الذي بخيبر .
قال وقلت : يا رسول الله! إن الله إنما أنجاني بالصدق وإن من توبتي أن لا أحدث إلا صدقا ما بقيت . قال فوالله! ما علمت أن أحدا من المسلمين أبلاه الله في صدق الحديث ، منذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا ، أحسن مما أبلاني الله به . والله! ما تعمدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، إلى يومي هذا . وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقي .
قال كعب : كنا خلفنا ، أيها الثلاثة ، عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حلفوا له . فبايعهم واستغفر لهم . وأرجأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا حتى قضى الله فيه . فبذلك قال الله عز وجل : وعلى الثلاثة الذين خلفوا . وليس الذي ذكر الله مما خلفنا ، تخلفنا عن الغزو .
وإنما هو تخليفه إيانا ، وإرجاؤه أمرنا ، عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه . [ ص: 381 ]