تنبيه
روى
أبو حفص بن شاهين في الناسخ والمنسوخ من طريق
أحمد بن يحيى الحضرمي ،
والمحب الطبري في سيرته من طريق
القاضي أبي بكر محمد بن عمر بن محمد بن الأخضر ،
nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر كلاهما في غرائب
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=14231والخطيب في السابق واللاحق من طريق
علي بن أيوب الكعبي ، قالوا : حدثنا
أبو غزية محمد بن يحيى الزهري ، حدثنا
عبد الوهاب بن موسى الزهري . قال
الحضرمي وابن الأخضر عن
عبد الرحمن بن أبي الزناد . وقال
الكعبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس ، قالا عن
هاشم بن عروة ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله تعالى عنها قالت :
حج بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فمر بي على عقبة الحجون وهو باك حزين مغتم فبكيت لبكاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إنه طفق يقول : يا حميراء استمسكي .
فاستندت إلى جنب البعير فمكث عني طويلا ثم عاد إلي وهو فرح مبتسم فقلت : بأبي أنت وأمي يا رسول الله! نزلت من عندي وأنت باك حزين مغتم فبكيت لبكائك ثم إنك عدت إلي وأنت فرح مبتسم فمم ذاك ؟ قال : ذهبت لقبر أمي فسألت الله أن يحييها فأحياها فآمنت بي وردها الله .
[ ص: 123 ]
تفرد بهذا الحديث
أبو غزية وتفرد عنه
الكعبي بذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك في إسناده . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني :
هذا كذب على
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك والحمل فيه على أبي غزية والمتهم بوضعه هو أو من حدث به عنه .
وهذا الحديث قد حكم بوضعه الحافظ
أبو الفضل بن ناصر والجوزقاني nindex.php?page=showalam&ids=11890وابن الجوزي والذهبي وأقره الحافظ في اللسان ، وحكم بوضعه جماعة سبق ذكرهم في ترجمة
عبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم . وجعله
nindex.php?page=showalam&ids=13260ابن شاهين ومن تبعه ناسخا لأحاديث النهي عن الاستغفار .
قلت : وهذا غير جيد لأن أحاديث النهي عن الاستغفار لهما بعض طرقها صحيح . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان في صحيحيهما وهذا الحديث على تسليم ضعفه لا يكون ناسخا للأحاديث الصحيحة والله تعالى أعلم .
قال
أبو الخطاب بن دحية : الحديث في إحياء أبيه وأمه موضوع يرده القرآن والإجماع قال تعالى :
ولا الذين يموتون وهم كفار [النساء 18] وقال :
فيمت وهو كافر [البقرة 217] فمن مات وهو كافر لم ينفعه الإيمان بعد الرجعة بل لو آمن عند المعاينة لم ينفعه ، فكيف بعد الإعادة ؟ وفي التفسير أنه عليه الصلاة والسلام قال :
«ليت شعرى ما فعل أبواي ؟» .
فنزلت ولا تسأل عن أصحاب الجحيم
[البقرة 119] .
قلت : لو اقتصر
أبو الخطاب على الحكم بوضع الحديث فقط وسكت عما ذكره لكان جيدا وتأدبا مع النبي صلى الله عليه وسلم- في حق أبويه . وقد تعقبه
nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي فقال : وفيما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13138ابن دحية نظر . وذلك أن فضائل النبي صلى الله عليه وسلم وخصائصه لم تزل تتوالى وتتتابع إلى حين مماته فيكون هذا مما فضله تعالى وأكرمه به ، وليس إحياؤهما وإيمانهما به ممتنعا عقلا ولا شرعا ، فقد ورد في الكتاب العزيز إحياء قتيل
بني إسرائيل وإخباره بقاتله وكان
عيسى صلى الله عليه وسلم يحيي الموتى وكذلك نبينا صلى الله عليه وسلم أحيا الله تعالى على يديه جماعة من الموتى . وإذا ثبت هذا فما يمتنع من إيمانهما بعد إحيائهما زيادة في كرامته وفضيلته مع ما ورد من الخبر في ذلك ويكون مخصوصا ممن مات كافرا .
وقوله : «فمن مات كافرا» إلى آخر كلامه مردود بما في الخبر أن الله رد الشمس على نبيه صلى الله عليه وسلم بعد مغيبها حتى صلى علي العصر . ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي وقال إنه حديث ثابت . فلو لم
[ ص: 124 ] يكن رجوع الشمس نافعا وأنه لا يتجدد الوقت لما ردها عليه ، فكذلك يكون إحياء أبوي النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد قبل الله تعالى إيمان قوم
يونس وتوبتهم مع تلبسهم بالعذاب كما هو أحد الأقوال وهو ظاهر القرآن .
وأما الجواب عن الآية فيكون ذلك قبل إيمانهما وكونهما في العذاب . انتهى كلام
nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي . ونقله الحافظ في شرح الدرر ملخصا له . وأقره .
قال الشيخ رحمه الله : استدلاله على عدم تجدد الوقت بقصة رجوع الشمس في غاية الحسن ولهذا حكم بكون الصلاة أداء وإلا لم يكن لرجوعها فائدة إذ كان يصح قضاء العصر بعد الغروب . قال : وقد ظفرت باستدلال أوضح منه ، وهو ما ورد أن
أصحاب الكهف يبعثون آخر الزمان ويحجون ويكونون من هذه الأمة تشريفا لهم بذلك .
وورد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما مرفوعا :
أصحاب الكهف أعوان المهدي .
رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13508ابن مردويه في التفسير . فقد اعتد بما يفعله أصحاب الكهف بعد حياتهم عن الموت . ولا بدع في أن يكون الله تعالى كتب لأبوي النبي صلى الله عليه وسلم عمرا ثم قبضهما قبل استيفائه ثم أعادهما لاستيفاء تلك اللحظة الباقية وآمنا فيها فيعتد به ويكون تأخير تلك البقية بالمدة الفاصلة بينهما لاستدراك الإيمان ، من جملة ما أكرم الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم ، كما أن تأخير أصحاب الكهف هذه المدة من جملة ما أكرموا به ، فيحوزون شرف الدخول في هذه الأمة .
وأما حديث :
ليت شعري ما فعل أبواي» فإنه معضل ضعيف لا تقوم به حجة .
وقال
الحافظ ابن سيد الناس في «العيون» بعد أن ذكر أنه روى أن الله تعالى أحيا أبويه فآمنا به قال : وهو مخالف لما أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن
أبي رزين العقيلي قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=696445قلت : يا رسول الله أين أمي ؟ قال : أمك في النار . قلت : فأين من مضى من أهلك ؟ قال : أما ترضى أن تكون أمك مع أمي .
قال : وذكر بعض أهل العلم في الجمع بين هذه الروايات ما حاصله : أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل راقيا في المقامات السنية صاعدا إلى الدرجات العلية إلى أن قبض الله روحه الطاهرة لديه وأزلفه بما خصه به لديه من كرامة القدوم عليه ، فمن الجائز أن تكون هذه كرامة حصلت له صلى الله عليه وسلم بعد أن لم تكن وأن يكون الإحياء والإيمان متأخرا عن تلك الأحاديث ، فلا تعارض .
انتهى .