سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب السادس في استسقاء أبي طالب برسول الله صلى الله عليه وسلم وعطش أبي طالب وشكواه ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم

روى ابن عساكر عن جلهمة بن عرفطة قال : قدمت مكة وقريش في قحط ، فقائل منهم يقول : اعتمدوا واللات والعزى . وقائل منهم يقول : اعتمدوا مناة الثالثة الأخرى فقال شيخ وسيم حسن الوجه جيد الرأي : أنى تؤفكون وفيكم بقية إبراهيم وسلالة إسماعيل . قالوا : كأنك عنيت أبا طالب ؟ قال : إيها . فقاموا بأجمعهم وقمت معهم فدققنا عليه بابه فخرج إلينا رجل حسن الوجه عليه إزار قد اتشح به فثاروا إليه فقالوا : يا أبا طالب أقحط الوادي وأجدب العيال فهلم فاستسق لنا فخرج أبو طالب ومعه غلام كأنه شمس دجنة تجلت عليه سحابة قتماء وحوله أغيلمة فأخذه أبو طالب فألصق ظهره بالكعبة ولاذ بإصبعه الغلام وما في السماء قزعة فأقبل السحاب من ها هنا وها هنا وأغدق واغدودق وانفجر له الوادي وأخصب النادي والبادي . وفي ذلك يقول أبو طالب :


وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل     يلوذ به الهلاك من آل هاشم
فهم عنده في نعمة وفواضل

وقال ابن سعد : حدثنا الأزرق ، حدثنا عبد الله بن عون ، عن عمرو بن سعيد أن أبا طالب قال : كنت بذي المجاز مع ابن أخي ، يعني النبي صلى الله عليه وسلم ، فأدركني العطش فشكوت إليه فقلت : يا ابن أخي قد عطشت . وما قلت له ذلك وأنا أرى عنده شيئا إلا الجزع قال : فثنى وركه ثم قال : يا عم عطشت ؟ قلت : نعم . فأهوى بعقبه إلى الأرض فإذا أنا بالماء فقال اشرب فشربت .

وله طرق أخرى رواها الخطيب وابن عساكر .

التالي السابق


الخدمات العلمية