وأما تفضيل كل واحدة منهن على مجموع النساء سواهن فاللفظ ساكت عنه ، وقد ظهر من هذا أن
نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- مفضلات على نساء هذه الأمة ، وكذا على نساء سائر الأمم : إن جعل اللفظ على عمومه إن لم يكن في النساء نبية لكن في هذا إشكال من ثلاثة أوجه .
[ ص: 326 ]
الأول : أن
فاطمة -رضي الله عنها- أفضل كما سنبينه . دل اللفظ بها أو نقول : إنها داخلة في نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- لأنها ابنته وهي داخلة معهن في اسم النساء في الجملة ، والإضافة مختلفة فيها معنى النبوة وفيهن بمعنى الزوجية .
الثاني : أن الخطاب للنساء الموجودات حين نزول الآية ، فيلزم أنهن أفضل من
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة ، ولا خلاف أن
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة -رضي الله عنه- أفضل منهن بعد
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، وجوابه : أن
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة داخلة في جملة نساء النبي -صلى الله عليه وسلم- وإن لم تكن مخاطبة لكن دل الخطاب على أن التفضيل إنما حصل للمخاطبات لكونهن نساء النبي حاصل فيها فلا تخرج عن حكمه .
الثالث : أن يلزم تفضيل
nindex.php?page=showalam&ids=41حفصة nindex.php?page=showalam&ids=54وأم سلمة وزينب وميمونة وسودة nindex.php?page=showalam&ids=149وجويرية ، وأم حبيبة على نساء سائر الأمم إذا جعلنا النساء للعموم ولا شك أن مريم أفضل من هؤلاء الثمان للحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=942561 "لم يكمل من النساء إلا أربع" فذكر
مريم nindex.php?page=showalam&ids=10640وخديجة وجوابه : إنا نلتزم التخصيص لذلك ، وعند هذا أقول : أن الآية تضمنت تعظيم قدر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأمور منها :
أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما [الأحزاب 29] وكلهن محسنات فعلمنا أن الله أعد لهن أجرا عظيما عنده ، ويصغر في عين العظيم العظائم فمعظم الأجر المعد لهن لا يعلمه إلا الله .
ومنها أنهن يؤتين أجرهن مرتين ، ولهذا لم يحصل لغيرهن إلا للثلاثة المذكورات في القرآن والحديث .
ومنها إعداد الله -عز وجل- لهن رزقا كريما ، والشهداء أثني عليهم بأنهم عند ربهم يرزقون ، وهؤلاء زادهن مع الرزق كونه كريما .
ومنها المعاونة (بينهن وبين ) غيرهن وإرادته تعالى بإذهاب الرجس عنهن ، وتطهيرهن تطهيرا مؤكدا ، وما يتلى في بيوتهن من آيات الله والحكمة ، وليس في الآية إلا ذلك ، وشرفهن بانتسابهن إليه عليه الصلاة والسلام وأناقة قدرهن بذلك حتى تفارق صفاتهن صفات غيرهن ، وليس في الآية تصريح بما أراده الفقهاء ، وتكلفوا فيه من التفضيل حتى يتكلف النظر بينهن وبين مريم ، فنقول ما قاله الله تعالى بقوله ، ونسكت عما سكت عنه ، وزعم بعضهم أن أفضل الصحابة زوجاته عليه الصلاة والسلام ، لأنهن معه في درجته التي هي أعلى الدرجات ، وهذا قول ساقط مردود ، وأما
فاطمة nindex.php?page=showalam&ids=10640وخديجة ثم
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، رضي الله عنهن فقال
البلقيني في "فتاويه" :
الذي نختاره أن
فاطمة أفضل ثم خديجة ثم عائشة ، للحديث الصحيح ، وأنه قال
nindex.php?page=showalam&ids=129لفاطمة : nindex.php?page=hadith&LINKID=653353 "أما ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة وسيدة نساء المؤمنين"
وفي
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي مرفوعا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=888976 "أفضل [ ص: 327 ] نساء أهل الجنة nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة بنت خويلد ، nindex.php?page=showalam&ids=129وفاطمة بنت محمد" سنده صحيح ، فالحديث صريح في أنها وأمها أفضل نساء أهل الجنة ، والحديث الأول يقتضي فضل فاطمة على أمها ، وفي حديث آخر
nindex.php?page=hadith&LINKID=661491 "فاطمة بضعة مني" وهو يقتضي تفضيل
فاطمة على جميع نساء العالم ومنهن
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة -رضي الله عنها- وبقية بنات النبي -صلى الله عليه وسلم- .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة -رضي الله عنها- قالت : حدثتني
فاطمة ، قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=890984أسر إلي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : "إن جبريل كان يعارضني بالقرآن كل سنة مرة ، وإنه عارضني العام مرتين ، ولا أراه إلا قد حضر أجلي وإنك أول أهل بيتي لحوقا بي ، ونعم السلف أنا لك ، قالت : فبكيت ، فقال : ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء هذه الأمة ونساء المؤمنين ؟ فضحكت" .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال عن
فاطمة : nindex.php?page=hadith&LINKID=942547 "هي خير بناتي إنها أصيبت في" .
وأما
تفضيل خديجة على عائشة فقد جاء فيه أحاديث بسطتها في "الفيض الجاري" .
وأما بقية بنات النبي -صلى الله عليه وسلم- مع بقية نسائه فبقية بناته أفضل ، ويشهد لذلك ما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر في ترجمة
nindex.php?page=showalam&ids=10733رقية بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال : في الحديث الصحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب قال :
أم عثمان من
nindex.php?page=showalam&ids=10733رقية ، وأم حفصة من زوجها . انتهى وفي الصحيح : خير نسائها
مريم ، وخير نسائها
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة بنت خويلد والضمير قيل : إنه للسماء والأرض ويؤيده ما ورد من الإشارة إليهما ويحتمل أن الضمير
لمريم ، nindex.php?page=showalam&ids=10640وخديجة على أنهما سيدتان وإضافة النساء إليهما كإضافتهن في قوله : أو نسائهن . ويعود شرحه إلى معنى نساء زمانها وفي الصحيح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=656930 "ما غرت على امرأة ما غرت على nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة" وفي غير الصحيح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=889513 "ما أبدلني الله خيرا منها ، وهي أول من آمن بي ، وظهر عنها من النور والخير ما لا خفاء فيه" ، وفي الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=661472 "إني رزقت حبها" وبقيت المفاضلة بينها وبين
مريم بنت عمران ، فإن قلنا بنبوة مريم كانت أفضل من فاطمة وإن قلنا : ليس بنبية احتمل أنها أفضل ، للاختلاف في نبوتها ، واحتمل التسوية بينهما ، تخصيصا لهما بأدلتهما الخاصة من بين النساء ، واحتمل تفضيل
فاطمة عليها ، وعلى غيرها لما تقدم ، وسيأتي لهذا مزيد بيان في الكلام على زوجاته -صلى الله عليه وسلم- .