سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الثالثة والثلاثون : وبوجوب العقيقة .

الرابعة والثلاثون : وبوجوب الإثابة على الهدية .

الخامسة والثلاثون : وبوجوب الإغلاظ على الكفار قال الله سبحانه وتعالى : يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم [التحريم - 9] .

السادسة والثلاثون : وبوجوب تحريض المؤمنين على القتال .

السابعة والثلاثون : وبوجوب التوكل على الله .

قال الله سبحانه وتعالى : وتوكل على الله [الأحزاب - 3] .

الثامنة والثلاثون : وبوجوب الصبر على ما يكره .

التاسعة والثلاثون : وبوجوب صبر نفسه مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي .

الأربعون : وبوجوب الرفق وترك الغلظة .

الحادية والأربعون : وبوجوب إبلاغ كل ما أنزل إليه . قال الله- تبارك وتعالى- : يا أيها الرسول ، بلغ ما أنزل إليك من ربك [المائدة - 67] .

قلت : وفي هذه الخصائص نظر ، إذ الأنبياء كلهم كذلك .

الثانية والأربعون : وبوجوب خطاب الناس بما يعقلون .

الثالثة والأربعون : وبوجوب الدعاء لمن أدى صدقة ماله .

الرابعة والأربعون : وبوجوب كل ما يتقرب به .

الخامسة والأربعون : وبوجوب الاستثناء إذا وعد أو علق أمرا على غد . قال الله تعالى : ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله [الكهف - 23 ، 24] .

السادسة والأربعون : وبوجوب مبرة عيال من مات موسرا .

السابعة والأربعون : وبوجوب أداء الجنايات عمن لزمته . وهو معسر .

الثامنة والأربعون : وكذا الكفارات ، ذكر السبعة عشر رزين ونقله الشيخ عنه في الصغرى ، ولم يتعرض لذلك في الكبرى . [ ص: 406 ]

التاسعة والأربعون : وبأن الصلاة على الجنازة ، في حقه -صلى الله عليه وسلم- فرض عين كما يؤخذ من قول بعض الحنفية أن في عهده لا يسقط فرض الجنازة إلا بصلاته .

الخمسون : وبوجوب حفظ أقوال المسلمين . قاله أبو سعيد النيسابوري في "الشرف" .

النوع الثاني من الواجبات فيما يتعلق بالنكاح وفيه مسألة واحدة

خص -صلى الله عليه وسلم- بتخيير بعض نسائه في فراقه واختياره على الصحيح ، قال الله- سبحانه وتعالى- : يا أيها النبي ، قل لأزواجك : إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا [الأحزاب - 28] الآية ، والأمر في ذلك للوجوب ، ولا يجب ذلك على غيره . وسبب نزول هذه الآية قد اختلف فيه ، فقيل : إن أزواجه سألنه النفقة وطلبن منه ما لا يقدر عليه -صلى الله عليه وسلم- ، كما في حديث مسلم من حديث جابر- رضي الله تعالى عنه- قال : دخل أبو بكر وعمر- رضي الله تعالى عنهما- على النبي -صلى الله عليه وسلم- وحوله نساؤه يسألنه وهو ساكت فقال عمر- رضي الله تعالى عنه- : لأكلمن النبي -صلى الله عليه وسلم- لعله يضحك ، فقال عمر : يا رسول الله ، لو رأيت بنت خارجة سألتني النفقة ، فقمت إليها فوجأت عنقها ، فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال : هن حولي كما ترى يسألنني النفقة ، فقام أبو بكر إلى عائشة ليضربها ، وقام عمر إلى حفصة ليضربها كلاهما يقولان : تسألان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما ليس عنده ؟ وأنزل الله الخيار فبدأ بعائشة فقال : إني ذاكر لك أمرا ، فأحب أن لا تعجلي منه حتى تستأمري أبويك ، قالت : ما هو ؟ فتلا عليها : يا أيها النبي ، قل لأزواجك : إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها [الأحزاب 28] الآية ، قالت عائشة : أفيك أستأمر أبوي بل أختار الله ورسوله . ولا مخالفة بين هذا الحديث وما في صحيح البخاري عن ابن عباس- رضي الله تعالى عنهما- أنه سأل عمر بن الخطاب عن قصة المرأتين اللتين تظاهرتا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكر اعتزال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نساءه ، وكان قال : ما أنا بداخل عليهن شهرا من شدة مؤاخذته عليهن حين عاتبه الله ، فلما مضت تسع وعشرون ليلة ، دخل على عائشة فبدأ بها فقالت له عائشة : يا رسول الله ، إنك كنت قد أقسمت أن لا تدخل علي شهرا ، وإنما أصبحت من تسع وعشرين ، أعدها عدا فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "الشهر تسع وعشرون ، وكان ذلك الشهر تسعا وعشرين ، قالت عائشة- رضي الله تعالى عنها- : ثم نزلت بعد آية التخيير" . الحديث . لأنه يمكن الجمع ، كما قال الحافظ : بأن تكون القصتان جميعا سبب الاعتزال ، والاعتزال سبب التخيير .

فإن قصة المتظاهرتين خاصة بهما ، وقصة سؤال النفقة عامة في جميع النسوة ، وهو مفهوم من سياق الحديث . [ ص: 407 ]

القول الثاني : إن التخيير كان لسبب قصة العسل الذي شربه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيت زينب بنت جحش ومواطأة عائشة وحفصة أن يقولا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنا نجد منك ريح مغافير فحرمه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على نفسه ، فأنزل الله تعالى : يا أيها النبي ، لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك [التحريم - 1] إلى قوله : إن تتوبا إلى الله [التحريم - 4] هو مخرج في الصحيحين عن عائشة- رضي الله تعالى عنها- والمغافير بالعين المعجمة والفاء حلو المذاق .

فروع :

الفرع الأول : قال أئمتنا : لما خير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نساءه اخترنه غير العامرية ، فروى ابن سعد عن ابن أبي عون عن عمران بن مناح قالا : لما خير رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نساءه ، بدأ بعائشة فاخترنه جميعا غير العامرية اختارت قومها فكانت بعد تقول : إنني الشقية ، وسيأتي بيان ذلك في باب ذكر أزواجه -صلى الله عليه وسلم- فلما اخترنه حرم الله التزوج عليهن مكافأة لهن على حسن صنيعهن ، ونزل قوله تعالى : لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج [الأحزاب - 52] الآية . ثم نسخ حكم ذلك بقوله : إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن [الأحزاب - 50] ، فتكون المنة له -صلى الله عليه وسلم- بترك التزوج عليهن .

وقد قالت عائشة : ما مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى أحل الله تعالى له أن يتزوج من النساء ما شاء إلا ذات محرم لقوله تعالى : ترجي من تشاء منهن [الأحزاب - 51] . الآية .

رواه الإمامان الشافعي وأحمد وابن سعد ، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم والبيهقي وقال : كأنها معنى اللاتي خطرن عليه في قوله : لا يحل لك النساء من بعد [الأحزاب - 52] الآية .

وروى ابن سعد مثله عن أم سلمة وابن عباس وعطاء بن يسار ومحمد بن عمر بن علي بن أبي طالب (رضي الله عنه ) .

وإذا قلنا إنه أحل له التزوج فهل هو عام من جميع النساء ، أو هو خاص ببنات الأعمام والعمات والأخوال والخالات المهاجرات معه لظاهر الآية وجهان أظهرهما .

الأول : لأن الإباحة رفعت ما تقدم من الحظر ، فاستباح ما كان يستبيحه قبلها ، ولأنه في استباحة النساء أوسع من أمته ، فلم يجز أن ينقص عنهم .

الفرع الثاني : لم يحرم على النبي -صلى الله عليه وسلم- طلاق زوجاته بعد اختيارهن في الأظهر .

الفرع الثالث : لو قدر أن واحدة من زوجاته -صلى الله عليه وسلم- اختارت الحياة الدنيا ، لم يحصل الاختيار بنفس الاختيار على الأصح . [ ص: 408 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية