التاسعة : الصواب
أنه -صلى الله عليه وسلم- كان لا يحسن الخط .
العاشرة : وبتحريم التوصل إليه . قال الله سبحانه وتعالى :
وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون [العنكبوت - 48] .
قال أئمة التفسير : الضمير في قوله : "من قبله" عائد إلى الكتاب وهو القرآن المنزل عليه -صلى الله عليه وسلم- أي : وما كنت يا
محمد تقرأ من قبله ، ولا تختلف إلى أهل الكتاب ، بل أنزلناه إليك في غاية الإعجاز والتضمن للغيوب وغير ذلك ، فلو كنت ممن يقرأ كتابا ، ويخط خطوطا لارتاب المبطلون من أهل الكتاب ، وكان لهم في ارتيابهم متعلق ، وقالوا : الذي تجده في كتبنا لا يكتب ولا يقرأ وليس به .
فقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد- رضي الله تعالى عنه- قال : كان أهل الكتاب يجدون في كتبهم إن
محمدا -صلى الله عليه وسلم- لا يخط ولا يقرأ .
وروى الشيخان عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر- رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :
nindex.php?page=hadith&LINKID=658814 "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب" .
فهذا الحديث صريح في أنه كان لا يحسنهما وأخرج من ذلك ما في الصحيح في باب عمرة القضاء ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء- رضي الله تعالى عنه- قصة الحديبية قال فيه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=653920إنه -صلى الله عليه وسلم- لما أمر nindex.php?page=showalam&ids=8عليا أن يكتب كتاب الصلح بينه وبين قريش قال اكتب هذا ما صلح عليه محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال nindex.php?page=showalam&ids=3795سهيل بن عمرو- رضي الله تعالى عنه- وذلك قبل أن يسلم : لو علمنا أنك رسول الله ، ما صددناك ، اكتب اسمك واسم أبيك ، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- امح رسول الله فقال : والله ، لا أمحوك أبدا ، فأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وليس يحسن أن يكتب فكتب : "هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله"
وقد تمسك بهذه الرواية من قال : إنه كان يحسن
[ ص: 411 ]
الكتابة
كالإمام الباجي وأبي ذر الصروي وأبو الفتح النيسابوري وأبي جعفر السمناني الأصولي .
وقالوا : عدم معرفته كان بسبب المعجزة ولما أمن الارتياب في ذلك عرف حينئذ الكتابة من غير تقدم تعليم فكانت معجزة أخرى ، ورجع عن ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبو ذر كما في المعجزات سيأتي .
فكانت معجزته عن ذلك أمور كما الجواب أن قصة الحديبية واحدة ، وقد وردت بألفاظ مختلفة وإن الكاتب فيها هو علي لما وقع التصريح به في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=83المسور
وفي رواية في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الجزية قال : قال : رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي : nindex.php?page=hadith&LINKID=890110 "امح رسول الله فقال علي : والله لا أمحاه أبدا قال فأرنيه ، قال : فأراه إياه فمحاه النبي -صلى الله عليه وسلم- بيده .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم نحوه . فيحتمل أن النكتة في قوله "فأخذ الكتاب وليس يحسن أن يكتب لبيان قوله أرني إياها ، إنه ما احتاج أن يريه موضع الكلمة والتي امتنع علي من محوها إلا لكونه كان لا يحسن الكتابة ، وعلى أن قوله بعد ذلك ، "فكتب" فيه حذف تقديره فمحاها ، فأعادها لعلي فكتب ، وبهذا جزم ابن التين قلت : هذا ويحمل قوله "فكتب" على أنه أمر بالكتابة .
ويؤيده الرواية الأخرى
nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس- رضي الله تعالى عنه- بلفظ : لما صالح النبي -صلى الله عليه وسلم- أهل الحديبية كتب علي بينهم كتابا فكتب : محمد رسول الله ، فتحمل الرواية الأولى على أن قوله : فكتب أي فأمر بالكتابة وهو كثير لحديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : كتب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى قيصر ، وحديث كتب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=888النجاشي .
وحديث عبد الله بن عكيم : كتب إلينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وحديث كتب إلى
كسرى .
ويدل عليه أيضا رواية
nindex.php?page=showalam&ids=83المسور في الصحيح أيضا في هذه القصة ففيها :
nindex.php?page=hadith&LINKID=653920 "والله ، إني رسول الله ، وإن كذبوني فاكتب : محمد بن عبد الله" .
وحكى
مغلطاي في الزهر الباسم ، أن
الحافظ أبا ذر الهروي رأى في المنام أنه دخل مسجد
المدينة فرأى قبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ينشق ويميد ولا يستقر ، فاندهش لذلك ، وقال في نفسه : لعل هذا بسبب اعتقادي ، ثم عقدت التوبة مع نفسي فسكن واستقر ، فلما استيقظ قص الرؤيا على ابن معور فعبرها له كذلك
الحافظ ابن معور ، من غير أن ينسبه إلى نفسه فقال
ابن معور : بغير صنعته أو ينحله ما ليس له بأهل ولعله مفترى عليه .
فقال : من أين قلت هذا ؟ قال : من قول الله تعالى :
تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا أن دعوا للرحمن ولدا وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا [مريم - 90- 91- 92] فقال : لله درك وأقبل يقبل عينيه مرة ويبكي ويضحك مرة .
[ ص: 412 ]
أخرى ثم قال أنا صاحب هذه الروايات فاسمع ما يشهد لك صحة تأويلها ، إني رأيتني في ذلك الفزع العظيم كنت أقول : والله ما هذا إلا أني أقول وأعتقد أن سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكتب فكنت أملي فأقول إني تائب ، يا رسول الله ، وأكرر ذلك مرارا ، فأرى القبر الشريف قد عاد إلى هيئته أولا وسكن ، ثم استيقظت وأشهدت على نفسي بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يكتب قط وعليه ألقى الله-عز وجل- ونقله الحافظ في تخريج أحاديث
nindex.php?page=showalam&ids=14345الرافعي لكن قال
ابن محمد الهروي بدل
nindex.php?page=showalam&ids=12002أبي ذر الهروي فالله تعالى أعلم .