سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الثالث والعشرون : في اختياره - صلى الله عليه وسلم - الإقامة عندها أيام مرضه - صلى الله عليه وسلم - واجتماع ريقه وريقها واختصاصها بمباشرة خدمته .

  روى الإمام أحمد في مسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيت ميمونة ، فاستأذن نساءه أن يمرض في بيتي فأذن له ، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معتمدا على العباس ، وعلى رجل آخر ورجلاه تخطان في الأرض . وقال عبيد الله فقال ابن عباس : أتدري من ذلك الرجل ؟ هو علي بن أبي طالب ، ولكن عائشة لا تطيب لها نفسا ، قال الزهري فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في بيت ميمونة لعبد الله بن زمعة : مر الناس فليصلوا فلقي عمر بن الخطاب ، فقال : يا عمر صل بالناس ، فصلى بهم فسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صوته فعرفه ، وكان جهير الصوت فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أليس هذا صوت عمر ؟ قالوا : بلى قال : يأبى الله - عز وجل - ذلك ، والمؤمنون مروا أبا بكر ، فليصل بالناس قالت عائشة : يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق لا يملك دمعه ، وأنه إذا قرأ القرآن بكى [ ص: 176 ] قال : وما قلت ذلك إلا كراهية أن يتأثم الناس بأبي بكر ، أن يكون أول من قام مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : مروا أبا بكر فليصل بالناس فراجعته فقال : مروا أبا بكر فليصل بالناس فراجعته فقال : مروا أبا بكر فليصل بالناس إنكن صواحب يوسف .

  الرابع والعشرون : في قوله - صلى الله عليه وسلم - لمن دعاه إلى الطعام وهذه معي .

  روى مسلم والبرقاني عن أنس - رضي الله تعالى عنه - أن رجلا فارسيا كان جارا للنبي - صلى الله عليه وسلم - فصنع طعاما ثم دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعائشة إلى جنبه ، فأشار إليه أن تعال ، فقال : وهذه معي ، لعائشة ! فقال : لا ، ثم أشار إليه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذه معي ! فقال : لا ، فأشار إليه الثالثة ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - وأشار إلى عائشة : وهذه معي ! قال : نعم .

  الخامس والعشرون : في فضل عائشة - رضي الله تعالى عنها - على النساء ، وشهادة أم سلمة وصفية - رضي الله تعالى عنهما - بتفضيل النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة عليهن .

  وروى ابن أبي شيبة والإمام أحمد والبخاري ، ومسلم ، والترمذي والنسائي ، وابن ماجه عن أنس ، والإمام أحمد عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - ، والطبراني برجال الصحيح عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله تعالى عنه - والطبراني بإسناد حسن عن فروة بن أبي إياس ، والطبراني برجال الصحيح عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله تعالى عنهم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «إن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام » .

  وروى أبو طاهر المخلص عن الشعبي والطبراني بإسناد حسن عن عمرو بن الحارث بن المصطلق قال : أرسل وفي لفظ : بعث زياد بن سمية مع عمرو بن الحارث بهدايا وأموال إلى أمهات المؤمنين ، وأرسل إلى أم سلمة وصفية يعتذر إليهما لفضل عائشة فقالتا : لئن فضلها لقد كان أشد علينا تفضيلا من هذه تفضيلها وفي لفظ : ففضل عائشة ثم جعل الرسول يعتذر إلى أم سلمة ، فقالت : يعتذر إليها زياد ، فقد كان يفضلها من هو كان أعظم علينا تفضيلا من زياد ، رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

 

التالي السابق


الخدمات العلمية