الباب الثاني في
الكلام على الملائكة- صلى الله عليهم وسلم-
وفيه أنواع :
الأول : في
اشتقاق لفظ الملك وكيفية تصريفه .
فقيل : هو مشتق من الألوكة وهي الرسالة وكذلك المألكة (ومنه قولهم : ألكني إليه ) قال الشاعر :
أبلغ النعمان عني مألكا أنه قد طال حبسي وانتظاري
أي : رسالة ، ويقال فيها : ألوك أيضا قال لبيد :
وغلام أرسلته أمه بألوك فبذلنا ما سأل
وقيل في الملك : إنه جمع مألكة ، لما كانت الملائكة رسلا سميت لذلك .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل بن أحمد - رحمه الله تعالى- : إنما سميت الرسالة مألكة ، لأنها تلوك في الفم من قولهم : فرس مألك اللجام أي : يعلكه ، وعلى هذا أصله مألك لكنهم قالوا في جمع مألك : ملائكة ، فأتوا بالهمزة في موضع عين الكلمة فيكون واحده مألكا ، وقد جاء ذلك في الشعر أنشد أبو وجزة :
فلست لإنسي ولكن لملأك ينزل من جو السماء يصوب
ووجه اشتقاقه من الألوكة يقتضي أن يكون مقلوبا ، قلبت فاؤه إلى موضع عينه ، ووزن ملأك معفل وإنما قلبت ليخفف بنقل حركة همزته ، فلما نقلت حركة همزته إلى الساكن قبلها حذفت تخفيفا لها ، فقيل : ملك ، ولهذا ردت همزه في جمعه فقيل : ملائكة وزنه : معافلة على هذا القول .
وقال
ابن كيسان : هو الملاك فيكون فعالا ، وأصله ملأك أيضا ، لورود الهمزة في الجمع ، لكن لا قلب فيه على هذا القول .
[ ص: 485 ]
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة : أصله ملأك أيضا ، لكن من لأك إذا أرسل ، وقال
أبو عمرو بن الحاجب - رحمه الله تعالى- الوجه هو القول الأول إذ ليس فيه إلا ارتكاب القلب ، ولا بد فيه من إرادة الهمزة في مفرده لورودها في جمعه ، قال
ابن كيسان : فعال بعيد ، لأن مثل ذلك نادر ، ويفعل كثيرا وحمله على الكثير أولى من حمله على النادر ، لا سيما مع مناسبته للرسالة بخلاف الملك .
وأما قول
أبي عبيد الله : إنه مفعل من لأك إذا أرسل فبعيد ، لأنه يكون مرسلا لا مرشدا ، وإذا كان من الألوكة كان مرسلا فترجح الأول .