الحادي عشر : في
عصمتهم
قال القاضي- رحمه الله تعالى- : اتفق أئمة المسلمين أن
حكم المرسلين من الملائكة حكم النبيين ، سواء في العصمة مما ذكرنا عصمتهم منه ، وأنهم في حقوق الأنبياء والتبليغ إليهم كالأنبياء مع الأمم ،
واختلفوا في غير المرسلين منهم ، فذهبت طائفة إلى عصمة جميعهم عن المعاصي ، واحتجوا بقوله تعالى
لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون [التحريم 6] .
قال الإمام
الرازي - رحمه الله تعالى- هذه الآية تتناول جميع الملائكة في فعل جميع المأمورات وترك جميع المنهيات ، لأن كل ما أمر بفعله فقد نهي عن ضده ، والدليل على العموم صحة الاستثناء وبقوله تعالى
يسبحون الليل والنهار لا يفترون [الأنبياء 20] ومن هذه صفته لا يتصور منه صدور الذنب ، إذ لو صدر منه الذنب لفتر عن التسبيح ، وللمنع في هذا الوجه والذي قبله مجال واضح لقوله تعالى
بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون [الأنبياء 27] وهذا يقتضي توقفهم في كل الأمور على أمر الله تعالى ، ومن كان كذلك لم يصدر منه الذنب ، وقرره
الآمدي بأن قال المعصية إما بمخالفة الأمر والنهي ، لا جائز أن يقع مخالفة الأمر ، إذ هو خلاف الآية ، ولا جائز أن يقع لمخالفة النهي ، لأن النهي عن الشيء أمر بأحد أضداده ، ومخالفة النهي إنما تكون بارتكاب المنهي عنه وارتكاب المنهي يقتضي عدم التلبس ، وهذا بناء على أن النهي عن الشيء أمر بضده ، وهي مسألة مشهورة .
واحتج الإمام مع من ذكر بوجهين آخرين :
أحدهما : أنهم طعنوا في البشر بالعصمة ، فلو كانوا عصاة لما حسن منهم هذا الطعن ، ولا يخفى ما فيه .
[ ص: 493 ]
الثاني : أنهم رسل الله تعالى بقوله تعالى
جاعل الملائكة رسلا [فاطر 1] والرسول معصوم لقوله تعالى
الله أعلم حيث يجعل رسالته وهو بناء على أن الكل رسل ، وقد تقدم الكلام فيه ، وعلى أن قوله تعالى
الله أعلم حيث يجعل رسالته من أدلة العصمة غير الأنبياء ولمانع أن يمنع ذلك .
قال
القاضي - رحمه الله تعالى- : وذهبت طائفة إلى أن هذا خصوص للمرسلين منهم والمقربين . واحتجوا بأشياء ذكرها أهل الأخبار والتفاسير نحن نذكرها إن شاء الله تعالى بعد ، ونبين الوجه فيها إن شاء الله تعالى ، والصواب عصمة جميعهم وتنزيه جانبهم الرفيع عن جميع ما يحط من رتبتهم ومنزلتهم عن جليل مقدارهم ، واحتج من لم يوجب عصمة الملائكة جميعهم بأمور .
أحدهما : قصة
هاروت وماروت ، وهي قصة مشهورة ، وخلاصتها أن
هاروت وماروت كانا ملكين ، وعجبا من عصيان بني
آدم ، وقالا : لو ركبت فينا شهوة بني
آدم لما عصينا ، فأنزلهما الله تعالى إلى الأرض ، وركب فيهما الشهوة وقيض الله لهما
الزهرة - وكانت من أجمل نساء وقتها- وأعجبتهما ، وحملتهما على السجود للصنم وقتل النفس وشرب الخمر ، وتعلمت منهما الاسم الأعظم وصعدت به إلى السماء ، فمسخت إما كوكبا ، وإما سحابا ، وإنهما استشفعا
بإدريس ، فخيرهما الله تعالى بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ، فاختارا عذاب الدنيا ، فلبسا الحديد ومكثا في بيوتهما
ببابل ، بينهما وبين الماء أربعة أصابع ، ويوجد في هذه القصة زيادة ونقصان واختلاف كثير .
قال الشيخ
كمال الدين : وأئمة النقل لم يصححوا هذه القصة ، ولا أثبتوا روايتها عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- قال
القاضي رحمه الله تعالى : إن هذه الأخبار لم يرو منها شيء لا صحيح ولا سقيم عن النبي- صلى الله عليه وسلم- ، قال وهذه الأخبار من كتب اليهود وافترائهم .
فإن قيل : ففي كتاب الله تعالى
وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه [البقرة : 102] .
قلت : للناس في ذلك أقوال كثيرة ، والمحققون ذهبوا في معناها إلى غير ما ذكر أولا في قصة
هاروت وماروت ، وقالوا في الآية قراءتان في (ملكين ) إحداهما بكسر اللام وهي شاذة ، والمشهورة بفتح اللام ، ولكن ذكروا في تأويل ذلك أن الله تعالى كان قد امتحن الناس بالملكين ، فإن السحر كان قد ظهر ، وظهر قول أهله ، فأنزل الله تعالى ملكين يعلمان الناس
[ ص: 494 ]
حقيقة السحر ، ويوضحان أمره ليعلم الناس ذلك ، ويميزوا بينه وبين المعجزة والكرامة ، فمن جاء يطلب ذلك منهما ابتدراه وعلماه ، إنا إنما أنزلنا فتنة لتعليم السحر ، فمن تعلمه ليجتنبه ويعلم الفرق بينه وبين المعجزات والكرامات وما يظهره الله تعالى على أيدي عباده المؤمنين فذلك هو المرضي ، ومن تعلمه لغير ذلك أدى به إلى الكفر ، فلهذا كان الملكان يقدمان للملكين هذه المقالة ، ثم يقولان له : إن فعل الساحر كذا فرق بين المرء وزوجه ، فلا تتحيل بهذه الحيلة ولا تقل هذا القول ، فإنه من قول السحرة ويودي إلى الكفر ، ثم على هذا يكون فعل الملكين طاعة لأمر الله تعالى ، ومن الناس من ذكر وجها آخر ، وهو أن الله تعالى لما بين أن الكفار واليهود ادعوا على
سليمان أنه ساحر ، وقالوا : إن الجن دفنت كتب السحر تحت مصلاه ، ثم أظهرتها بعد موته ليقول الناس كان ساحرا ، وأن
سليمان قد جمع كتب السحر ودفنها لتضيع على الناس ، وأخرجها الجن واليهود بعد موته وصارت في أيديهم وفشا السحر فيما بينهم ، ولهذا كثر ما يؤخذ من السحر عند اليهود ، وكان اليهود يعزون ذلك إلى
سليمان ، فقال تعالى
وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا ثم إن اليهود ادعت بعد ذلك أن السحر الذي في أيديهم من ميراث
سليمان ، وأن
جبريل وميكائيل نزلا به ، فأكذبهم الله تعالى في الأمرين ، فقال :
وما أنزل على الملكين فتكون ما نافية على هذا القول عطفا على قوله تعالى
وما كفر سليمان ويكون قوله (ببابل ) متعلقا بقوله
يعلمون الناس السحر وعلى هذا فقيل :
هاروت وماروت رجلان تعلما السحر .
وروى
الحسن أنه قال :
هاروت وماروت علجان من أهل
بابل ، وما أنزل على الملكين بكسر اللام ، لكن ما على هذه القراءة اسمية ، ويكون الإنزال من الشياطين ، ويجوز أن تكون نافية وقرأ كذلك
nindex.php?page=showalam&ids=396عبد الرحمن بن أبزى وفسر الملكين
بداود وسليمان ، ولا تكون ما على هذا القول إلا نافية .
وقال الإمام
الرازي : ويدل على بطلان هذه القصة التي تروى في حديث
هاروت وماروت أنهم ذكروا فيها أن الله تعالى قال لهما : لو ابتليتما مما ابتلي بنو
آدم لعصيتماني ، فقالا : لو فعلت ذلك يا رب ما عصيناك وهذا لا يجوز نسبته إلى ملكين ، فإنه رد على الله تعالى ، ويدل على بطلانها أيضا أن التخيير وقع بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة ، والله تعالى خير العصاة بل الكفار بين التوبة والعذاب ، ولذلك رووا أنهما يعلمان الناس السحر حال كونهما معذبين ، وهذا من أعجب العجب ثم إنهم يروون أن المرأة التي فجرت صعدت إلى السماء ومسخت كوكبا مضيئا من السبعة السيارة ، وهذا مخالف للإقسام بالخنس الجوار الكنس .
[ ص: 495 ]
قال الشيخ في الحبائك : وقال
الصفوي الأموي في رسالته بعد أن ذكر عصمتهم واستدل عليها واحتج المخالف بقصة
هاروت وماروت ، وبقصة إبليس مع
آدم ، وباعتراضهم على الله تعالى في خلق
آدم بقولهم
أتجعل فيها من يفسد فيها وجوابه على سبيل الإجمال : أن جميع ما ذكرتم محتمل احتمالا بعيدا أو قريبا ، وعلى التقديرين لا يعارض ما دل على عصمتهم زمن الصرائح والظواهر ، قال الشيخ : وهذا الجواب في قصة
هاروت وماروت أعقد من الجواب الذي قبله لما تقدم عند ذكرهما من الأحاديث الصحيحة .
وقال
القرافي من أئمة المالكية : ومن اعتقد في
هاروت وماروت إنما يعذبان بأرض
الهند على خطيئتهما مع
الزهرة فهو كافر ، بل هم رسل الله وخاصته يجب تعظيمهم وتوقيرهم وتنزيههم عن كل ما يخل بعظيم قدرهم ، ومن لم يفعل ذلك وجب إراقة دمه .
وقال
البلقيني في منهج الأصلين :
العصمة واجبة لصفة النبوة والملائكة ، وجائزة لغيرهما ، ومن وجبت له العصمة فلا يقع منه كبيرة ولا صغيرة ، ولذلك نعتقد
عصمة الملائكة المرسلين منهم وغير المرسلين ، [قال الله تعالى :
لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون والآيات في هذا المعنى كثيرة] وإبليس لم يكن من الملائكة ، وإنما
كان من الجن ففسق عن أمر ربه ، وأما
هاروت وماروت [فلا يصح فيهما خبر ، وفي كتاب الجامع من المحلى لابن حزم أن
هاروت وماروت ] من الجن ، وليسا ملكين .
قال الشيخ : قلت : فإن صح هذا لم يحتج إلى الجواب عن قصتهما ، كما أن إبليس لم يكن من الملائكة ، وإنما كان بينهم وهو من الجن .
وقال الإمام
أبو منصور الماتريدي إمام
الحنفية في الاعتقاديات : كما أن الشيخ
أبا الحسن الأشعري إمام الشافعية في ذلك ما نصه : «ثم إن الملائكة كلهم معصومون ، خلقوا للطاعة إلا
هاروت وماروت » . وقال
القرافي : اعلم أنه يجب على كل مكلف
تعظيم الأنبياء بأسرهم ، وكذلك الملائكة ومن نال من أعراضهم شيئا فقد كفر ، سواء كان بالتعريض أو بالتصريح ، فمن قال في رجل يراه شديد البطش هذا أقسى قلبا من مالك خازن النار ، وقال في رجل يراه مشوه الخلق هذا أوحش من منكر ونكير ، فهو كافر ، إذ قال ذلك في معرض النقص بالوحاشة والقساوة .
الثاني : من الأدلة التي استدل بها من قال بعدم عصمتهم في قصة
آدم وأمرهم بالسجود له ما قالوا عند خلقه والاحتجاج بها من وجوه :
[ ص: 496 ] أحدها : اعتراضهم بقولهم
أتجعل فيها من يفسد فيها .
الثاني : غيبتهم لبني
آدم بذلك .
والثالث : إعجابهم وافتخارهم على بني
آدم بقولهم
ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك .
والرابع : مخالفة إبليس في الأمر بالسجود مع أنه كان من الملائكة .
فهذه الوجوه الأربعة أشبه ما احتج به المخالف من هذه الآية ، وإن كان فيها وجوه أخر من الاحتجاج ، لكن أعرضنا عنها لضعفها ووضوح الجواب عنها ، والجواب عن هذه الوجوه .
أما الأول : وهو أنهم اعترضوا على الله تعالى ، فقد أجاب عنه أهل السنة بوجوه ثلاثة .
أحدها : أن هذا ليس على سبيل الاعتراض ، وإنما هو على سبيل التعلم لأمر الله تعالى ، ومعناه أنهم قالوا ذلك ليظهروا عظمة حكمة الله تعالى ، وأنه جعل في الأرض من هذه صنعته ، وهذا الذي ظهر من حاله بحكمه عليها ومصلحة قدرها هو أعلم بها ، فكأنهم قالوا : سبحانك ربنا وتعاليت ما أعظم شأنك وحكمتك ، فعلمك بخفايا الأمور حيث تجعل في الأرض من يفسد فيها ويسفك الدماء ، وأنت أعلم بموضع المصلحة في ذلك ، ولهذا أجابهم بقوله
إني أعلم ما لا تعلمون فإنه تقرير لهم على ما اعتقدوه من خفي حكمة الله تعالى وعلمه .
والثاني : أنهم لشدة محبتهم لله تعالى وحرصهم على الطاعة كرهوا المعصية ، فسألوا أعلامهم بما خفي من الحكمة في ذلك ، ليطمئنوا ويسكنوا إليه ، وهو قول
الأخفش .
والثالث : وهو الذي اختاره
القفال ، أن ذلك على سبيل الإثبات والإيجاب ، فهو استفهام تقرير وإيجاب ، وليس المراد به الاستعلام ولا الإنكار ، فكأنهم قالوا يفعل ذلك ، وهو كقول الشاعر :
ألستم خير من ركب المطايا وأندى العالمين بطون راح
أي : أنتم كذلك وقد قيل غير هذه الأجوبة لكن هذه أقواها .
فإن قيل : فكيف علم الملائكة أن بني
آدم يسفكون الدماء ويفسدون في الأرض وكيف أضافوا ذلك إلى جميعهم مع أنه مضاف إلى البعض .
قلنا : لعلهم كانوا قد اطلعوا على ذلك من اللوح المحفوظ ، وأن الله تعالى أعلمهم
[ ص: 497 ] بذلك أو علموه من جهة أنهم رأوا خلقه مركبا على الغضب والشهوة ، ومن كان كذلك فالظاهر أنه يفسد ويسفك الدماء ، أو علموه لأنهم لما رأوا ما خلق للإنسان من العذاب في النار ، أو لتسمية الله تعالى
آدم خليفة فإنه قيم بفصل الخصومات ، فعلموا أحواله من جهة خلافته ، وكل هذه الوجوه منقولة .
وأما إضافتهم ذلك إلى جميع بني
آدم فليس في الكلام صريح إضافة إلى الجميع ، ولو صدر هذا من واحد صح أن يقال : جعل في الأرض من يفسد فيها ويسفك الدماء ، لأن من تقع على الواحد والجمع .
والجواب عن هذا الوجه الثاني : وهو أن قولهم : إن هذه غيبة لبني
آدم ، أن الغيبة قد تباح للمصلحة في مواضع ، منها نصيحة المسلم في عبد يشتريه ، أو زوجة يتزوجها ، أو ما ناسب ذلك ، لحديث
فاطمة بنت قيس ، لما خطبها
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية وأبو جهم ،
وقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لها :
nindex.php?page=hadith&LINKID=76703«أما nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية فصعلوك ، وأما أبو جهم فلا يضع العصى عن عاتقه» ،
ومنها إعلامه بما يقال فيه ليتجنبه ، ومنها الإعلام بحال من لا يصلح لأمر مهم من أمور المسلمين ، مثل ولي أمر يريد أن يولي رجلا ما لا يصلح له ، ومثل رجل يريد أن يستفتي أو يتعلم منه ، ومنها أن يكون ذلك للتعريف ، كالألقاب ، ومنها ما يقع في الفتوى والتعلم ، فيجوز للمتعلم والمستفتي أن يوضح الحال فيما أريد السؤال عنه ، كقول المرأة للمفتي : زوجي كذا فما أفعل ، وقد صح في هذا حديث
هند امرأة أبي سفيان وأنها قالت للنبي- صلى الله عليه وسلم-
nindex.php?page=hadith&LINKID=652059إن أبا سفيان رجل شحيح ، وجاز ذلك لحاجتها إلى علم ما يجوز لها أن تتناول من ماله ، وقصة الملائكة من هذا الباب ، لأن قصدهم إنما كان معرفة الحكم وإزالة الإشكال في ذلك والتعلم ، فكان ذلك من الغيبة الجائزة .
والجواب عن الوجه الثالث ، وهو أن قولهم :
ونحن نسبح بحمدك إلى آخره جار مجرى الإعجاب من وجهين .
أحدهما : أنا لا نسلم أن ذلك من باب مدح النفس ، بل هو من التحدث بنعم الله عز وجل ، والتحدث بنعم الله شكر ، وقد قال تعالى لنبيه- صلى الله عليه وسلم-
وأما بنعمة ربك فحدث .
والثاني : أن ذلك جار مجرى الاعتذار عما ذكروه ، لأن قولهم :
أتجعل فيها من يفسد فيها في صورة الاعتراض ، فأراد الملائكة نفي توهم ذلك عنهم ، فأتبعوا سؤالهم بقولهم
ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك يعنون الله تعالى أعلم ، أنا لسنا نعترض عليك في أمرك ، فإنا عبيدك المسبحون المقدسون .
والجواب عن الرابع هو أن إبليس كان من الملائكة وعصى ، وأن الناس اختلفوا فيه .
قال
الإمام النووي : روي عن
طاوس nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- أنه
[ ص: 498 ]
كان من الملائكة ، واسمه عزرائيل فلما عصى الله تعالى لعنه وجعله شيطانا مريدا وسماه إبليس لأن الله أبلسه من الخير كله أي : أيس من رحمة الله تعالى ، والمبلس المكتئب الحزين .
قال
الواحدي : والاختيار أنه ليس بمشتق لإجماع النحويين على أنه منع من الصرف للعجمة والمعرفة ، ثم قال وبهذا أي : بالقول أنه كان من الملائكة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود وابن المسيب nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير واختاره
الرازي وابن الأنباري قالوا : وهو مستثنى من المستثنى منه ، قالوا وقول الله تعالى
كان من الجن أي : طائفة من الملائكة يقال له الجن .
وقال
الحسن ،
وعبد الله بن يزيد ،
وشهر بن حوشب : ما كان من الملائكة قط ، والاستثناء منقطع ، والمعنى عندهم أن الملائكة وإبليس أمروا بالسجود فأطاعت الملائكة كلهم وعصى إبليس ، والصحيح أنه من الملائكة ، لأنه لم ينقل أن غير الملائكة أمر بالسجود والأصل في الاستثناء أن يكون من جنس المستثنى منه ، والله تعالى أعلم .
وأما إنظاره إلى يوم الدين فزيادة في عقوبته وتكفير معاصيه وغوايته . انتهى .
وقال
القاضي : الأكثرون ينفون أنه ليس من الملائكة ، ويقولون : إنه أبو الجن ، كما أن
آدم أبو الإنس .