تنبيهات
الأول : قال الأطباء : إنما
يستعمل الكي في الخلط الباغي الذي لا تنحسم مادته إلا به ، ولهذا وصفه- صلى الله عليه وسلم- ثم نهى عنه ، وإنما كرهه لما فيه من الألم الشديد والخطر العظيم ، ولهذا كانت العرب تقول في أمثلتها : «آخر الدواء الكي» والنهي فيه محمول على الكراهة ، أو على خلاف الأولى لما يقتضيه مجموع الأحاديث .
وقيل : إنه خاص
لعمران بن حصين ، لأنه كان به الباسور ، وكان موضعه خطرا فنهاه عن كيه ، فلما اشتد عليه كواه فلم ينجح قال
ابن قتيبة : الكي نوعان : كي الصحيح لئلا يعتل ، فهذا الذي قيل فيه : لم يتوكل من اكتوى ، لأنه يريد أن يدفع عنه القدر ، والقدر لا يدافع .
والثاني : كي الجرح إذا فسد ، والعضو إذا قطع فهو الذي شرع التداوي له ، فإن كان الكي لأمر محتمل فهو خلاف الأولى ، لما فيه من تعجيل التعذيب بالنار لأمر غير محقق ، قال
الحافظ : وحاصل الجمع أن الفعل يدل على الجواز ، وعدم الفعل لا يدل على المنع بل يدل على أن تركه أرجح من فعله ، ولذا وقع الثناء على تركه ، وأما النهي عنه فإما على سبيل الاختيار والتنزيه ، وإما عما لا يتعين طريقا للشفاء .
[ ص: 161 ]