الباب الرابع عشر في
تحير الوليد بن المغيرة فيما يصف به القرآن والآيات التي أنزلت فيه
روى
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق ومقاتل في تفسيره
nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=12181وأبو نعيم nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي والواحدي من طرق عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال :
لما أنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم سورة غافر قرأها النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد ، فسمعها الوليد ثم انطلق إلى مجلس بني مخزوم فقال : والله لقد سمعت من محمد كلاما آنفا ما هو من كلام الإنس ولا من كلام الجن ، إن أسفله لمغدق وإن أعلاه لمونق وإن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة ، وإنه يعلو ولا يعلى . ثم انصرف .
فقالت قريش : لقد صبأ الوليد ، والله لئن صبأ الوليد لتصبأن قريش كلها ، وكان يقال للوليد ريحانة قريش . فقال أبو جهل : أنا أكفيكموه .
فانطلق حتى دخل عليه وهو حزين فقال : يا عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا ليعطوكه فإنك أتيت محمدا تتعرض لما قبله .
فقال : لقد علمت قريش أني من أكثرها مالا .
قال : فقل فيه قولا يبلغ قومك «أنك كاره له» . قال : وماذا أقول فيه؟ والله أنه ليس من كلام الإنس ولا من كلام الجن . فقال له أبو جهل : لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه . دعني أفكر فيه .
فلما اجتمع بقومه قال وقد حضر الموسم : يا معشر قريش إنه قد حضر هذا الموسم ، وإن وفود العرب ستقدم عليكم فيه ، وقد سمعوا بأمر صاحبكم هذا ، فأجمعوا فيه رأيا واحدا ولا تختلفوا فيكذب بعضكم بعضا . قالوا : فأنت يا أبا عبد شمس أقم لنا رأيا نقوله فيه . قال : بل أنتم فقولوا أسمع .
قالوا : نقول كاهن . قال : والله ما هو بكاهن ، فقد رأينا الكهان فما هو بزمزمة الكاهن ولا سجعه .
قالوا : فنقول مجنون . قال : والله ما هو بمجنون فقد رأينا الجنون وعرفناه فما هو بخنقه ولا تخالجه ولا وسوسته .
قالوا : فنقول شاعر . قال : ما هو بشاعر ، لقد عرفنا الشعر كله رجزه وهزجه وقريضه ومقبوضه ومبسوطه فما هو بشاعر .
قالوا : فنقول ساحر . قال : والله ما هو بساحر لقد رأينا السحار وسحرهم فما هو بنفثه ولا عقده . [ ص: 355 ]
قالوا : فما نقول يا أبا عبد شمس ؟
قال : والله إن لقوله حلاوة وإن عليه طلاوة وإن أصله لمغدق وإن فرعه لمثمر وما أنتم بقائلين من هذا شيئا إلا وأنا أعرف أنه باطل ، وإن أقرب القول فيه أن تقولوا ساحر ، فما يقول سحر يفرق بين المرء وابنه وبين المرء وأخيه وبين المرء وزوجه وبين المرء وعشيرته .
فتفرقوا عنه بذلك ، وجعلوا يجلسون بسبل الناس حين قدموا الموسم لا يمر بهم أحد إلا حذروه إياه وذكروه لهم .
وأنزل الله تعالى في الوليد وفي ذلك من قوله : ذرني أي اتركني . وهي كلمة يقولها المغتاظ إذا اشتد غيظه وغضبه وكره أن يشفع لمن اغتاظ عليه . ومن خلقت وحيدا أي منفردا بلا أهل ولا مال ، وجعلت له مالا ممدودا واسعا متصلا من الزروع والضروع والتجارة . وبنين عشرة أو أكثر شهودا يشهدون المحافل وتسمع شهادتهم .
ومهدت بسطت له في العيش والعمر والولد تمهيدا ثم يطمع أن أزيد كلا لا أزيده على ذلك إنه كان لآياتنا أي القرآن عنيدا معاندا ، سأرهقه أكلفه صعودا مشقة من العذاب أو جبلا من نار يصعد فيه ثم يهوى أبدا ، إنه فكر فيما يقوله في القرآن الذي سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم . وقدر في نفسه ذلك . فقتل لعن وعذب كيف قدر على أي حال كان تقديره . ثم قتل كيف قدر ؛ تكرير للمبالغة وثم للدلالة على أن الثانية أبلغ من الأولى وفيما يقدر على الأصل .
ثم نظر في وجوه قومه أو فيما يقدح به في القرآن . ثم عبس قبض وجهه وكلحه ضيقا بما يقول وبسر زاد في القبض والكلوح ، ثم أدبر عن الإيمان واستكبر تكبر عن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم فقال فيما جاء به : إن ما هذا إلا سحر يؤثر ينقل عن السحرة .
إن ما هذا إلا قول البشر . كما قالوا : إنما يعلمه بشر ، سأصليه أدخله سقر جهنم ، وما أدراك ما سقر تعظيم لشأنها لا تبقي ولا تذر شيئا من لحم ولا عصب إلا أكلته ثم يعود كما كان ، لواحة للبشر محرقة لظاهر الجلد .
قال nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : وأنزل الله تعالى في النفر الذين كانوا معه يسفون القول في رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيما جاء به : الذين جعلوا القرآن عضين أصنافا ، وواحدة العضين عضة ، فوربك لنسألنهم أجمعين سؤال توبيخ عما كانوا يعملون .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : وصدرت
العرب من ذلك الموسم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتشر ذكره في
بلاد العرب كلها .
[ ص: 356 ]