سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب الرابع عشر في إعلامه- صلى الله عليه وسلم- ابنته فاطمة- رضي الله تعالى عنها- بموته

روى الخمسة والطبراني وابن حبان والحاكم عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- قالت : اجتمع نساء رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لم يغادر منهم امرأة في وجعه الذي مات فيه وما رأيت أحدا أشبه سمتا وهديا ودلا برسول الله- صلى الله عليه وسلم- في قيامها وقعودها من فاطمة ، وكانت إذا دخلت عليه قام إليها وقبلها وأجلسها في مجلسه ، وكان إذا دخل عليها فعلت ذلك ، فلما مرض جاءت تمشي ما تخطئ مشيتها مشية رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال : مرحبا يا بنتي فأجلسها عن يمينه أو عن شماله فأكبت عليه تقبله ، فسارها بشيء ، فبكت ، ثم سارها فضحكت فقلت : ما رأيت اليوم فرحا أقرب من حزن فسألتها عن ذلك قلت لها : ما خصك رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بالسرار وتبكين فلما أن قامت قلت لها : أخبريني بما سارك ؟ قالت : ما كنت لأفشي سر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فلما أن توفي قلت لها : أسألك بما لي عليك من الحق لما أخبرتيني قالت : أما الآن فنعم : سارني فقال : إن جبريل كان يعارضني بالقرآن في كل سنة مرة ، وإنه عارضني العام مرتين ، وأنه لم يكن نبي كان بعده نبي إلا عاش بعده نصف عمر الذي كان قبله ، ولا أرى ذلك إلا اقترب أجلي- وفي لفظ- فقالت إنه أخبرني أنه يقبض في وجعه ، فاتقي الله واصبري ، إن جبريل أخبرني أنه ليس امرأة من نساء المؤمنين أعظم رزنة منك فلا تكوني أدنى امرأة منهن صبرا فنعم السلف أنا لك فبكيت ثم سارني فقال : أما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين ، أو سيدة نساء هذه الأمة- وفي لفظ- «أخبرني أني أول أهله لحوقا به ، فضحكت ضحكي الذي رأيت» .

التالي السابق


الخدمات العلمية