سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

صفحة جزء
الباب السادس في المواطن التي يستحب الصلاة عليه فيها- صلى الله عليه وسلم-

وفيه أنواع :

الأول : في يوم الجمعة وليلتها .

روى الإمام أحمد في مسنده ، وابن أبي عاصم في الصلاة له والبيهقي في حياة الأنبياء وشعب الإيمان وغيرهما من تصانيفه وأبو داود والنسائي وابن ماجه في سننهم وابن حبان وابن خزيمة في صحيحيهما والحاكم وقال : هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه عن أوس بن أوس - رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : « إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة ، فيه خلق آدم ، وفيه قبض ، وفيه النفخة ، وفيه الصعقة ، فأكثروا علي من الصلاة فيه ، فإن صلاتكم معروضة علي» ، قالوا : يا رسول الله ، وكيف تعرض صلاتنا عليك ، وقد أرمت- يعني بليت- قال : «إن الله عز وجل حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء» .

وروى البيهقي بسند حسن ، لا بأس به- عن أبي أمامة- رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : « أكثروا من الصلاة علي في كل يوم جمعة ، فإن صلاة أمتي تعرض علي في كل يوم جمعة ، فمن كان أكثرهم علي صلاة كان أقرب مني منزلة » .

وروى ابن ماجه - برجال ثقات- عن أبي الدرداء - رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «أكثروا من الصلاة علي في يوم الجمعة ، فإنه يوم مشهود تشهده الملائكة ، وإن أحدا لن يصلي علي إلا عرضت علي صلاته حتى يفرغ منها ، قال : قلت : وبعد الموت ؟ قال : وبعد الموت ، إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء» فنبي الله حي يرزق في قبره .

وروى الحاكم - وقال : صحيح الإسناد- والبيهقي في شعب الإيمان ، وحياة الأنبياء في قبورهم عن أبي مسعود الأنصاري - رضي الله تعالى عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه قال : « أكثروا من الصلاة علي في يوم الجمعة ، فإنه ليس أحد يصلي علي يوم الجمعة إلا عرضت علي صلاته » .

وروى ابن بشكوال في كتابه في الصلاة النبوية- بسند ضعيف- عن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال : « أكثروا الصلاة علي في الليلة الغراء ، واليوم الأزهر؛ فإن صلاتكم تعرض علي ، فأدعو لكم وأستغفر » .

وروى الطبراني - بسند لا بأس به في المتابعات- عن أنس - رضي الله تعالى عنه- أن [ ص: 445 ] رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال : « أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة ، فإنه أتاني جبريل آنفا عن ربه عز وجل فقال : ما على الأرض من مسلم يصلي عليك إلا صليت أنا وملائكتي عليه عشرا » .

وفي لفظ : « أكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة ، وليلة الجمعة ، فمن فعل ذلك كنت له شهيدا أو شفيعا يوم القيامة » .

وروى البيهقي عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما- قال : سمعت نبيكم- صلى الله عليه وسلم- يقول : « أكثروا الصلاة على نبيكم في الليلة الغراء واليوم الأزهر » .

وروى الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : « أكثروا الصلاة علي في الليلة الزهراء واليوم الأزهر ، فإن صلاتكم تعرض علي » .

وروى الدارقطني : وابن شاهين ، جميعا في الإفراد ، عن أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : « الصلاة علي نور على الصراط ، فمن صلى علي يوم الجمعة ثمانين مرة ، غفرت له ذنوب ثمانين عاما » .

وروى الديلمي عن أبي ذر الغفاري - رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال : « من صلى علي يوم الجمعة مائة صلاة غفرت له ذنوب مائة عام » .

وروى الديلمي عن عائشة - رضي الله تعالى عنها- قالت : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : « من صلى علي يوم الجمعة كانت شفاعة له عندي يوم القيامة » .

وروى ابن شاهين - بسند ضعيف- عن أنس - رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : « من صلى علي يوم الجمعة ألف مرة لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة » .

وروى التيمي في ترغيبه والديلمي في مسنده- بسند ضعيف عنه- ، عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال : «من صلى علي في كل يوم جمعة أربعين مرة محى الله عنه ذنوب أربعين سنة ، ومن صلى علي مرة واحدة ، فتقبلت منه محى الله عنه ذنوب ثمانين سنة» ، «ومن قرأ» قل هو الله أحد [الإخلاص 1] «حتى يختم السورة بنى الله له منارا في جسر جهنم حتى يجاوز الجسر» .

وروى البيهقي عن أنس - رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : « أكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة ، فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه عشرا » .

وروى ابن عدي ، والبيهقي في الشعب عنه قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : « أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة ، فمن فعل ذلك كنت له شهيدا وشفيعا يوم القيامة » . [ ص: 446 ]

وللأديب الفاضل شعبان الآثاري في قصيدة :


وجاء في الجمعة الغرا وليلتها عنه من الخير تأجيل وتعجيل     وقد أمرنا بإكثار الصلاة على
محمد فيهما والفضل مأمول     فمن يصلي على المختار واحدة
يأتيه عشرا من المولى وتنفيل

الثاني : عند طرفي النهار .

روى الطبراني عن أبي الدرداء- رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : « من صلى علي حين يصبح عشرا ، وحين يمسي عشرا؛ أدركته شفاعتي يوم القيامة » .

الثالث : عند الفراغ في الوضوء .

روى التيمي في ترغيبه ، والدارقطني والبيهقي ، وقالا : ضعيف ، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : « إذا فرغ أحدكم من طهوره؛ فليقل :

أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، ثم ليصل علي ،
فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الرحمة
» .

قال الحافظ السخاوي : وهذا الحديث مشهور عن عمر بن الخطاب وعقبة بن عامر ، وثوبان ، وأنس ، لكن بدون «الصلاة» والله تعالى أعلم .

وروى ابن ماجه وابن أبي عاصم - بسند ضعيف- عن سهل بن سعد- رضي الله تعالى عنه- عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال : « لا وضوء لمن لا يصلي على النبي- صلى الله عليه وسلم- وفي بعض طرقه زيادة : لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لا يذكر اسم الله عليه .

الرابع : بعد الأذان والإقامة .

وروى مسلم والترمذي والنسائي والبيهقي ، وأبو داود عن كعب بن علقمة عن عبد الرحمن بن جبير عن عبد الله بن عمرو - رضي الله تعالى عنهما- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : « إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي ، فإنه ليس من أحد يصلي علي واحدة إلا صلى الله عليه بها عشرا ، ثم سلوا الله لي الوسيلة؛ فإنها منزلة في الجنة ، لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله عز وجل وأرجو أن أكون أنا هو ، فمن سألها لي حلت له شفاعتي » .

وروى الإمام أحمد والطبراني في الأوسط عن جابر - رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : « من قال حين يسمع المنادي : اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة » . [ ص: 447 ]

وفي لفظ : « الدعوة القائمة والصلاة النافعة ، صل على محمد وارض عني رضاء لا سخط بعده؛ استجاب الله دعوته » ورواه ابن وهب في جامعه بلفظ : « من قال حين يسمع النداء : اللهم رب هذه الدعوة التامة ، والصلاة القائمة صل على محمد عبدك ورسولك ، وأعطه الوسيلة والشفاعة يوم القيامة ، حلت له شفاعتي » .

وفيه ابن لهيعة ، لكن أصله عند البخاري بدون ذكر الصلاة .

وروى الإمام أحمد وابن أبي عاصم والطبراني في الدعاء والكبير عن أبي الدرداء - رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كان يقول : «إذا سمع المؤذن اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة ، صل على محمد وأعطه سؤله يوم القيامة ، وكان يسمعها من حوله ، ويجب أن يقولوا مثل ذلك إذا سمعوا المؤذن قال : ومن قال مثل ذلك إذا سمع المؤذن وجبت له شفاعة محمد- صلى الله عليه وسلم- يوم القيامة» .

ورواه الطبراني في الأوسط بلفظ : « كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا سمع النداء قال : اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة صل على محمد عبدك ورسولك ، واجعلنا في شفاعته يوم القيامة ، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «من قال هذه عند النداء جعله الله في شفاعتي يوم القيامة» .

قال الحافظ السخاوي : وفيهما صدقة ابن عبد الله السمين .

وروى الحافظ عبد الغني المقدسي وغيره ، عن أنس - رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : « إذا قال الرجل حين يؤذن المؤذن اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة أعط محمدا سؤله نالته شفاعتي » .

الخامس : عند دخول المسجد والخروج منه .

روى النسائي وابن ماجه بأسانيد صحيحة عن أبي حميد الساعدي - رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : « إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي- صلى الله عليه وسلم- ثم ليقل : اللهم افتح لي أبواب رحمتك ، وإذا خرج فليقل : اللهم إني أسألك من فضلك » .

وروى الإمام أحمد والترمذي وقال : حسن ، وليس إسناده بمتصل- عن فاطمة - رضي الله تعالى عنها- قالت : كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا دخل المسجد «صلى على محمد وآله ثم قال : اللهم اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب رحمتك» وإذا خرج- صلى على محمد ثم قال : «اللهم اغفر لي وافتح لي أبواب فضلك» .

وروى النسائي في اليوم والليلة وابن ماجه في سننه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما ، والحاكم في مستدركه وقال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه عن أبي [ ص: 448 ]

هريرة
- رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : « إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي- صلى الله عليه وسلم- وليقل اللهم افتح لي أبواب رحمتك ، وإذا خرج فليسلم على النبي- صلى الله عليه وسلم- وليقل : اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم » .

قال الحافظ السخاوي : وأعله النسائي برواية المقبري له عن أبي هريرة عن كعب ، وذكر أنها أولى بالصواب .

قال الحافظ ابن حجر : وخفيت هذه العلة على من صحح هذا الحديث ، لكن في الجملة هو حسن لشواهده .

وروى ابن أبي عاصم عنه قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : « إذا دخل أحدكم المسجد فليصل على النبي- صلى الله عليه وسلم- وليقل اللهم اعصمنا من الشيطان » .

السادس : في الصلاة .

روى أبو داود والترمذي وصححه ، وكذا ابن خزيمة وابن حبان والحاكم عن فضالة بن عبيد - رضي الله تعالى عنه- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- سمع رجلا يدعو في صلاته لم يمجد الله ولم يصل على النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «عجل هذا ، ثم دعاه ، فقال له أو لغيره : إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه ، ثم ليصل على النبي- صلى الله عليه وسلم- ثم يدعو بعد بما شاء .

ورواه النسائي بلفظ فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «عجل هذا المصلي» ، ثم علمهم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ، ثم سمع رجلا يصلي فحمد الله وحمده وصلى على النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال :

ادع الله تجب وسل تعطه
.

ورواه الترمذي أيضا بلفظ « سمع النبي- صلى الله عليه وسلم- رجلا يدعو في صلاته فلم يصل على النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- : «عجل هذا» ، ثم دعاه فقال له ، أو لغيره : «إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد الله والثناء عليه ، ثم ليصل على النبي- صلى الله عليه وسلم- ثم ليدع بعده بما شاء » وله في رواية أخرى ، وهي عند الطبراني أيضا برجال ثقات غير رشدين بن سعد ، لكن حديثه مقبول في الرقائق ، بينما رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قاعد إذ دخل رجل يصلي ، فقال : اللهم اغفر لي وارحمني فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- : «عجلت أيها المصلي ، إذا صليت فقعدت فاحمد الله بما هو أهله ، ثم صل علي ثم ادعه ، ثم صلى رجل آخر بعد ذلك فحمد الله وصلى على النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- : «أيها المصلي ادع تجب» .

وفي رواية «سل تعطه» .

السابع : الصلاة عليه ، أول الدعاء ووسطه وآخره . [ ص: 449 ]

روى عبد بن حميد والبزار في مسنديهما ، وعبد الرزاق في جامعه ، وابن أبي عاصم في الصلاة له ، والتيمي في الترغيب والطبراني والبيهقي في الشعب والضياء ، وأبو نعيم في الحلية ، كلهم من طريق موسى بن عبيدة الربذي - وهو ضعيف- والحديث غريب ، عن جابر - رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : «لا تجعلوني كقدح الراكب» ، قيل : وما قدح الراكب ؟ قال : إن المسافر إذا فرغ من حاجته صب في قدحه ماء ، فإن كان له إليه حاجة توضأ منه أو شرب وإلا أهراقه قال : «اجعلوني في أول الدعاء ووسطه وآخره» .

وروى عبد الرزاق والطبراني في الكبير- برجال الصحيح- عن ابن مسعود - رضي الله تعالى عنه- قال : إذا أراد أحدكم أن يسأل الله فليبدأ بمدحه والثناء عليه بما هو أهله ، ثم ليصل على النبي- صلى الله عليه وسلم- ، ثم ليسأل الله بعد ، فإنه أجدر أن ينجح أو يصيب» .

وروى النسائي وأبو القاسم بن بشكوال عن عبد الله بن بشر - رضي الله تعالى عنه- قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : « الدعاء كله محجوب حتى يكون أوله ثناء على الله- عز وجل- وصلاة على النبي- صلى الله عليه وسلم- ثم يدعو فيستجاب له دعاؤه » .

وروى الديلمي في مسند الفردوس ، عن أنس بن مالك - رضي الله تعالى عنه- قال : قال النبي- صلى الله عليه وسلم- : « كل دعاء محجوب حتى يصلى على النبي- صلى الله عليه وسلم-» .

الثامن : عند طنين الآذان .

روى الطبراني ، وابن عدي ، وابن السني في اليوم والليلة ، وابن أبي عاصم وأبو موسى بسند ضعيف ، عن أبي رافع مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم- رضي الله عنه قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : « إذا طنت آذان أحدكم فليصل على النبي- صلى الله عليه وسلم- وليقل : ذكر الله بخير من ذكرني » .

وفي رواية بعضهم : « ذكر الله من ذكرني بخير » .

التالي السابق


الخدمات العلمية