الثاني عشر : في
الكلام على قوله تعالى : لنريه من آياتنا .
السمين وابن عادل : «قرأ العامة بنون العظمة ، جريا على «باركنا» ، وفيه التفات من
[ ص: 20 ] الغيبة في قوله :
أسرى بعبده إلى التكلم في «باركنا» ، و«لنريه» ، وقرأ الحسن «ليريه» بالمثناة التحتية أي الله تعالى» .
وعلى هذه القراءة في الآية أربع التفاتات ، لأنه التفت أولا من الغيبة في «أسرى» إلى التكلم في «باركنا» . ثم التفت ثانيا من التكلم في «باركنا» إلى الغيبة . «ليريه» ثم التفت ثالثا إلى التكلم في «آياتنا» . ثم التفت رابعا إلى الغيبة في
إنه هو السميع البصير .
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : «وطريقة الالتفات من طرق البلاغة .
الطيبي : «وذكرك أن قوله :
سبحان الذي أسرى بعبده » يدل على مسراه من عالم الشهادة إلى عالم الغيب ، فهو بالغيب أنسب . وقوله :
الذي باركنا حوله دال على إنزال البركات وتعظيم شأن المنزل ، فهو بالحكاية على التفخيم أحرى . وقوله : «ليريه» بالياء إعادة إلى مقام السر والغيبوبة من هذا العالم ، فالغيبوبة بهما أليق . وقوله : «من آياتنا» عود إلى التعظيم على ما سبق وقوله :
إنه هو السميع البصير إشارة إلى مقام اختصاصه بالمنح والزلفى وغيبة شهوده في عين «بي يسمع وبي يبصر» ، فالعود إلى الغيبة أولى» انتهى .
ومعنى الرؤية هو ما أري تلك الليلة من العجائب والآيات الدالة على قدرة الله تعالى ومنها ما ذكره في القصة .
أبو شامة : «من» هنا للتبعيض ، وإنما أتي بها هنا تعظيما لآيات الله ، فإن هذا الذي رآه
محمد صلى الله عليه وسلم وإن كان جليلا عظيما فهو بعض بالنسبة إلى جملة آيات الله وعجائب قدرته وجليل حكمته . والآية العلامة الظاهرة على ما يلازمها ، فمن علم ملازمة العلم للطريق المنهاج ، ثم وجد العلم على أنه وجد الطريق ، وكذا إذا وجد شيئا مصنوعا ، فإنه يعلم إنه لا بد له من صانع ، فآية الشيء علامته الظاهرة ، ثم غلب ذلك على صدق الرسل ، وعلى الإلهية وكرامات الأولياء وما أشبه ذلك» .
البرهان النسفي : «فإن قيل الآية تدل على أنه تبارك وتعالى ما أراه إلا بعض الآيات ، وقال في حق
إبراهيم صلى الله عليه وسلم
وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض [الأنعام : 75] ، يدل على أنه تعالى أراه جميع الآيات ، فيلزم أن يكون معراج
إبراهيم أفضل من معراج
محمد صلى الله عليه وسلم ، فنقول : ملكوت السماوات والأرض بعض آيات الله أيضا بعضا مخصوصا ، والبعض المطلق أفضل من البعض المخصوص ، إذ المطلق يصرف إلى الكامل . والجواب المشهور عنه هو أن
بعض آيات الله أفضل من ملكوت السماوات والأرض . انتهى .