السابع عشر : في
الكلام على قوله تعالى : ولقد رآه نزلة أخرى [النجم : 13] .
[ ص: 48 ] ابن القيم : «أخبر تعالى عن رؤيته
لجبريل مرة أخرى . فالمرة الأولى كانت دون السماء بالأفق الأعلى والثانية كانت فوق السماء عند سدرة المنتهى» .
ابن كثير : «هذه هي المرة الثانية التي رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها
جبريل على صورته التي خلقه الله عليها ، وكانت ليلة الإسراء ، وتقدم عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يثبت الرؤية ليلة الإسراء ويستشهد بهذه الآية ، وتابعه جماعة من السلف والخلف ، وقد خالفه جماعات من الصحابة والتابعين» . قلت وسيأتي تحقيق ذلك في بابه .
اللباب : «الواو في «ولقد» يحتمل أن تكون عاطفة ، ويحتمل أن تكون للحال ، أي كيف تجادلونه فيما رآه ، وهو قد رآه على وجه لا شك فيه؟ والنزلة فعلة من النزول كجلسة من الجلوس ، وفي نصبها ثلاثة أوجه : أحدها : أنها منصوبة على الظرف الذي هو مرة ، لأن الفعلة اسم للمرة من الفعل ، فكانت في حكمها . قال
الشهاب الحلبي : وهذا ليس مذهب
البصريين ، وإنما هو مذهب القراء ، نقله عنه
مكي . الثاني : أنها منصوبة نصب المصدر الواقع موقع الحال ، أي رآه نازلا نزلة أخرى ، وإليه ذهب
الحوفي وابن عطية ، الثالث : أنها منصوبة على المصدر المؤكد ، فقدره أبو البقاء مرة أخرى أو رؤية أخرى . قال
الشهاب الحلبي : وفي تأويل نزلة برؤية ، نظر ، وأخرى تدل على سبق رؤية قبلها ، وعند سدرة المنتهى ظرف مكان لرأى» .
الثامن عشر : في
الكلام على السدرة وإضافتها إلى المنتهى .
قال الإمام
الرازي : «يحتمل وجوها : أحدها : إضافة الشيء إلى مكانه كقولك : أشجار بلدة كذا ، فالمنتهى حينئذ موضع لا يتعداه ملك أو روح من الأرواح . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16850كعب الأحبار : هي في أصل العرش على رؤوس حملة العرش ، وإليها ينقضي علم الخلائق وما خلفها بحيث لا يعلمه إلا الله تعالى . ثانيها : إضافة المحل إلى الحال فيه ، كقولك : كتاب الفقه ، وعلى هذا فالتقدير : سدرة عندها منتهى العلوم . ثالثها : إضافة الملك إلى مالكه كقولك : دار زيد أو شجرة زيد ، وحينئذ المنتهى إليه محذوف تقديره : سدرة المنتهى إليه . قال الله تعالى :
وأن إلى ربك المنتهى [النجم : 43] . فالمنتهى إليه هو الله تعالى ، وإضافة السدرة إليه حينئذ كإضافة البينة للتشريف والتعظيم ، كما يقال في التسبيح : يا غاية رغباه ويا منتهى أملاه» .
nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي : «اختلف لم سميت سدرة المنتهى على أقوال تسعة : الأول لأنه ينتهي إليها ما يهبط من فوقها فيقبض منها وإليها ينتهي ما يعرج من الأرض ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود . الثاني : علم الأنبياء ينتهي إليها ويعزب عما وراءها ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . الثالث : أن الأعمال تنتهي إليها وتقبض منها ، قاله
الضحاك . الرابع : لانتهاء الملائكة والأنبياء إليها .
[ ص: 49 ]
ووقوفهم عندها . الخامس : لأن أرواح الشهداء تنتهي إليها ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14354الربيع بن أنس . السادس : لأنه تأوي إليها أرواح المؤمنين ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة . السابع : لأنه ينتهي إليها كل من كان على سنة
محمد صلى الله عليه وسلم ومنهاجه ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه ،
والربيع بن أنس أيضا .
الثامن : [هي شجرة على رؤوس حملة العرش] إليها ينتهي علم الخلائق . التاسع : لأن من رفع إليها فقد انتهى في الكرامة» .
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي : «فإن قيل : لم اختيرت السدرة دون غيرها؟ قيل لأن السدرة تختص بثلاثة أوصاف : ظل مديد ، وطعم لذيذ ، ورائحة ذكية ، فشابهت الإيمان الذي يجمع قولا ونية وعملا ، فظلها من الإيمان بمنزلة العمل لتجاوزه ، وطعمها بمنزلة النية لكمونه أي استتاره ، ورائحتها بمنزلة القول لظهوره» .
الصحاح : «السدر شجر النبق الواحدة سدرة والجمع سدرات أي بكسر فسكون وسدرات بكسرتين ، وسدرات بكسر ففتح ، وسدر بكسر ففتح» ، وسيأتي في شرح القصة الكلام على أصلها .