الباب الثامن : في
تفضيلها على البلاد لحلوله صلى الله عليه وسلم فيها
نقل
nindex.php?page=showalam&ids=11927أبو الوليد الباجي والقاضي عياض وغيرهما الإجماع على تفضيل ما ضم الأعضاء الشريفة حتى على الكعبة ، كما قاله
أبو اليمن بن عساكر في تحفته ، وجزم بذلك
أبو محمد عبد الله بن أبي عمر البسكري - بموحدة مكسورة وقيل بفتحها ، وسين مهملة ساكنة فكاف مفتوحة وكسرها فراء ، - رحمه الله .
جزم الجميع بأن خير الأرض ما قد حاط ذات المصطفى وحواها ونعم لقد صدقوا بساكنها علت
كالنفس حين زكت زكا مأواها
بل نقل
القاضي تاج الدين السبكي عن
ابن عقيل الحنبلي أنها أفضل من العرش ، وجزم بذلك
أبو عبد الله محمد بن رزين البحيري الشافعي ، أحد السادة العلماء الأولياء ، فقال في قصيدته في الوفاة النبوية :
ولا شك أن القبر أشرف موضع من الأرض والسبع السماوات طرة
وأشرف من عرش المليك وليس في مقالي خلاف عند أهل الحقيقة
وصرح
التاج الفاكهي بتفضيلها على السماوات ، قال : بل الظاهر المتعين تفضيل جميع الأرض على السماء لحلوله صلى الله عليه وسلم بها ، وحكاه
الشيخ تاج الدين إمام الفاضلية عن الأكثرين
[ ص: 316 ] لخلق الأنبياء منها ودفنهم بها . وقال
النووي : "المختار الذي عليه الجمهور أن السماوات أفضل من الأرض ، أي ما عدا ما ضم الأعضاء الشريفة . وأجمعوا بعد على تفضيل
مكة والمدينة على سائر البلاد ، واختلفوا فيهما ، فذهب
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه وبعض الصحابة وأكثر المدنيين ، كما قال القاضي إلى تفضيل
المدينة ، وهو مذهب الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وإحدى الروايتين عن الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، والخلاف في غير الكعبة الشريفة ، فهي أفضل من بقية
المدينة اتفاقا . وإيراد حجج الفريقين مما يطول به الكتاب .
ويدل لما ذكر من أن النفس تخلق من تربة الدفن ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وصححه عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد رضي الله عنه قال :
مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبر ، فقال : "قبر من هذا" ؟ فقالوا : قبر فلان الحبشي يا رسول الله . فقال : "لا إله إلا الله ، سيق من أرضه وسمائه إلى التربة التي منها خلق" .
وتقدم في أول باب من هذا الكتاب أثر كعب :
"إن النبي صلى الله عليه وسلم خلق من القبضة التي أخذت من قبره الشريف" . وروى
يزيد الجريري قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين يقول : "لو حلفت لحلفت صادقا بارا غير شاك ولا مستثن أن الله تعالى ما خلق نبيه صلى الله عليه وسلم ولا
nindex.php?page=showalam&ids=16867أبا بكر ولا
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر إلا من طينة واحدة ، ثم ردهم إلى تلك الطينة" .
وروى الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وحسنه ،
nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم عن
مطر بن عكامس- بضم العين المهملة وتخفيف الكاف وكسر الميم فسين مهملة-
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وصححه عن
أبي عزة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=664442 "إذا قضى الله لعبد أن يموت بأرض جعل له إليها حاجة" .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14155الحكيم الترمذي : "إنما صار أجله هناك لأنه خلق من تلك البقعة ، وقد قال الله تعالى :
منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى [طه 55] قال : فإنما يعاد المرء من حيث بدئ منه" .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي في "الوفا" عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها أنها قالت :
"لما قبض النبي صلى الله عليه وسلم اختلفوا في دفنه" فقال nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه : "أنه ليس في الأرض بقعة أكرم على الله من بقعة قبض فيها نفس نبيه صلى الله عليه وسلم" .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12201أبو يعلى عن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر رضي الله عنه أنه قال : "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
"لا يقبض النبي إلا في أحب الأمكنة إليه" .
قال السيد : "وأحبها إليه أحبها إلى ربه؛ لأن حبه تابع لحب ربه . وما كان أحب إلى الله ورسوله كيف لا يكون أفضل؟ قال : ولهذا سلكت هذا المسلك في تفضيل المدينة ، فقد صح
[ ص: 317 ] قوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=653633 "اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد ، أي "بل أشد" أو "وأشد" ، كما روي به . وأجيبت دعوته حتى كان يحرك دابته إذا رآها من حبها" .