الثالث : اختلف في
السنة التي فيها شرع [الأذان] . قال الحافظ : "والراجح أنه كان في السنة الأولى ، وقيل : بل في الثانية" .
الرابع : قول
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : فقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : nindex.php?page=hadith&LINKID=650569 "أو لا تبعثون رجلا منكم ينادي بالصلاة" .
فقال
[ ص: 358 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=650569 "يا بلال قم فناد بالصلاة" .
قال
النووي : هذا الدعاء دعاء إلى الصلاة غير الأذان ، وكان قد شرع قبل الأذان . قال الحافظ : والظاهر أن إشارة
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بإرسال رجل ينادي بالصلاة كان عقب المشاورة فيما يفعلونه ، وأن رؤيا
nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد كانت بعد ذلك . وكان اللفظ الذي ينادي به
nindex.php?page=showalam&ids=115بلال هو "الصلاة جامعة" ، كما رواه
ابن سعد ، nindex.php?page=showalam&ids=16000وسعيد بن منصور عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب مرسلا . وقد وقع للقاضي
أبي بكر العربي هنا كلام غير محرر طعن فيه في صحة حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر الثابت في الصحيح" وقد بسط الحافظ الكلام على رده .
الخامس : روى
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني أن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر الصديق رضي الله عنه رأى الأذان ، وسنده واه ، ووقع في "الوسيط"
للغزالي أنه رآه بضعة عشر رجلا . وعبارة
الجيلي في "شرح التنبيه" : أربعة عشر رجلا ، وأنكره
nindex.php?page=showalam&ids=12795ابن الصلاح [فقال : لم أجد هذا بعد إمعان البحث] ثم
النووي [في تنقيحه فقال : هذا ليس بثابت ولا معروف ، وإنما الثابت خروج
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر يجر رداءه] ، ونقل
مغلطاي عن بعض كتب الفقهاء أنه رآه سبعة عشر رجلا من الأنصار . قال الحافظ : "الحق أنه لا يثبت شيء من ذلك إلا
لعبد الله بن زيد ، وقصة
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر جاءت في بعض الطرق" .
وروى الحافظ
ابن أبي أسامة عن
كثير بن مرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=884111أول من أذن بالصلاة جبريل في السماء ، فسمعه nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=115وبلال ، فسبق nindex.php?page=showalam&ids=2عمر nindex.php?page=showalam&ids=115بلالا ، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم جاء nindex.php?page=showalam&ids=115بلال ، فقال : "سبقك بها nindex.php?page=showalam&ids=2عمر" .
وسنده واه جدا ، في سنده
سعيد بن سنان ، قال
الذهبي في "المغني" : "متروك متهم" .
السادس : وردت أحاديث تدل على أن الأذان شرع
بمكة قبل الهجرة ، منها
nindex.php?page=showalam&ids=14687للطبراني عن
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ، قال :
"لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم أوحى الله تعالى إليه : [ ص: 359 ] بالأذان ، فنزل به ، فعلمه nindex.php?page=showalam&ids=115بلالا ، وفي سنده
طلحة بن زيد الرقي ، هالك . قال الحافظ
أبو الفرج بن رجب : هذا حديث موضوع بهذا الإسناد بغير شك ، قلت : وبغيره أيضا .
ولابن شاهين عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب : "علم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الأذان ليلة أسري به ، وفرضت عليه الصلاة" ،
وفي سنده
حصين بن مخارق ، وهو وضاع .
وللدارقطني في "الأفراد" ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=842126 "أن جبريل أمر النبي- صلى الله عليه وسلم- بالأذان حين فرضت الصلاة" ، وسنده ضعيف .
ولابن مردويه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله عنها مرفوعا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=842127 "لما أسري بي أذن جبريل ، فظنت الملائكة أنه يصلي بهم ، فقدمني فصليت" ، وفي سنده من لا يعرف . وقال
الذهبي في مختصر الإمام ، أصل الإلمام
لابن دقيق العيد : "هذا حديث منكر ، بل موضوع" .
وللبزار وغيره من حديث قال : "لما أراد الله عز وجل أن يعلم رسوله الأذان ، أتاه
جبريل بدابة يقال لها البراق فركبها [حتى أتى الحجاب الذي يلي الرحمن ، فبينما هو كذلك إذ خرج ملك من الحجاب ، فقال : يا
جبريل من هذا؟ قال : والذي بعثك بالحق إني لأقرب الخلق مكانا ، وأن هذا الملك ما رأيته منذ خلقت قبل ساعتي هذه ، فقال الملك : الله أكبر ، الله أكبر ، فقيل من وراء الحجاب ، صدق عبدي ، أنا أكبر ، أنا أكبر] ، فذكر بقية الأذان ، وفي آخره : "ثم أخذ الملك بيده فأم أهل السماء . . " وفي إسناده
زياد بن المنذر وهو متروك أيضا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين : عدو الله كذاب . وقال
الذهبي : "هذا من وضعه" . وقال
ابن كثير : "هذا الحديث الذي زعم
السهيلي أنه صحيح هو منكر ، تفرد به
زياد بن المنذر الذي تنسب إليه الفرقة الجارودية من الرافضة وهو
[ ص: 360 ] من المتهمين ، ولو كان النبي- صلى الله عليه وسلم- سمعه ليلة الإسراء لأمر به بعد الهجرة" .
ولابن شاهين من طريق
زياد المذكور ، قال : "قلت
لابن الحنفية : كنا نتحدث أن الأذان كان رؤيا ، فقال : هذا والله الباطل ، لكن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لما عرج به بعث إليه ملك علمه الأذان" . قال [الحافظ ابن حجر] : "هذا باطل ، ويمكن على تقدير صحته أن يحمل على تعدد الإسراء ، فيكون ذلك وقع
بالمدينة ، وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=11963القرطبي : لا يلزم من كونه سمعه ليلة الإسراء أن يكون مشروعا في حقه ، ففيه نظر لقوله في أوله : "لما أراد الله أن يعلم رسوله الأذان" ، وكذا قول
المحب الطبري : يحمل الأذان ليلة الإسراء على المعنى اللغوي وهو الإعلام ، [وهذا] فيه نظر أيضا لتصريحه بكيفيته المشروعة فيه" .
ولابن شاهين من طريق
زياد أيضا عن
الباقر عن أبيه عن
أبي رافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- :
"يا علي إن الله علمني الصلاة والأذان ، أتاني جبريل بالبراق" ،
وزياد [راويه] كذاب .
ولأبي الشيخ عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما قال :
"نزل الأذان على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع فرض الصلاة" ، وفي سنده
عبد العزيز بن مروان ، وهو تالف . قال الحافظ : "والحق أنه لا يصح شيء من هذه الأحاديث ، وقد جزم
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر "أنه- صلى الله عليه وسلم- كان يصلي بغير أذان ، منذ فرضت الصلاة
بمكة إلى أن هاجر إلى
المدينة ، وإلى أن وقع التشاور في ذلك على ما جاء في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر ، ثم في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد" - انتهى كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12918ابن المنذر . وقد حاول
السهيلي الجمع بينهما فتكلف وتعسف ، والأخذ بما صح أولى ، فقال بانيا على صحته الحكم في مجيء الأذان على لسان الصحابي في المنام فقصه ، فوافق ما كان النبي- صلى الله عليه وسلم- سمعه فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=672344 "إنها لرؤيا حق" ، وعلم حينئذ أن مراد الله بما أريه في السماء أن يكون سنة في الأرض ، وقوى ذلك عنده موافقته رؤيا
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر للأنصاري ، لأن
السكينة تنطق على لسان nindex.php?page=showalam&ids=2عمر" . . انتهى .
ويؤخذ منه عدم الاكتفاء برؤيا
nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد حتى أضيف إليه
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر للتقوية التي ذكرها . ولكن قد يقال : فلم اقتصر على
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر؟ فيمكن أن يجاب : ليصير في معنى الشهادة . وقد جاء في رواية ضعيفة سبقت ما ظاهره أن
nindex.php?page=showalam&ids=115بلالا أيضا رأى ، لكنها مؤولة ، فإن لفظها :
nindex.php?page=hadith&LINKID=884111 "سبقك بها nindex.php?page=showalam&ids=2عمر" ، يحمل المراد بالسبق على مباشرة التأذين برؤيا
nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد .
السابع : قال
السهيلي : "اقتضت الحكمة الإلهية أن يكون الأذان على لسان غير النبي
[ ص: 361 ] - صلى الله عليه وسلم- من المؤمنين ، لما فيه من التنويه من الله تعالى بعبده والرفع لذكره ، فلأن يكون ذلك على لسان غيره أنوه به وأفخم لشأنه ، وهذا معنى بين ، فإن الله تعالى يقول :
ورفعنا لك ذكرك [سورة الشرح ، الآية : 4] ، فمن رفع ذكره أن أشار به على لسان غيره" . انتهى كلام
السهيلي- وهذا حسن بديع .
الثامن : من أغرب ما وقع في بدء الأذان ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=11868أبو الشيخ من طريق
عبد العزيز بن مروان- وهو تالف- عن
nindex.php?page=showalam&ids=16414عبد الله بن الزبير قال : "أخذ الأذان من أذان
إبراهيم عليه السلام :
وأذن في الناس بالحج [سورة الحج ، الآية : 27] الآية ، قال : "فأذن النبي- صلى الله عليه وسلم-" ، وما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم بسند فيه مجاهيل عن
nindex.php?page=showalam&ids=16414عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما :
"أن جبريل نادى بالأذان لآدم عليه السلام حين أهبط من الجنة" .
التاسع : ذكر بعضهم مناسبة اختصاص
nindex.php?page=showalam&ids=115بلال بالأذان دون غيره ، كونه لما عذب ليرجع عن الإسلام كان يقول : أحد أحد ، فجوزي بولاية الأذان المشتمل على التوحيد من ابتدائه إلى انتهائه .
العاشر : استشكل إثبات حكم الأذان برؤيا
nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد ، ورؤيا غير الأنبياء لا ينبني عليها حكم شرعي . وأجيب باحتمال مقارنة الوحي لذلك ، بأنه- صلى الله عليه وسلم- أمر بمقتضاها لينظر أيقر على ذلك أم لا ، ولا سيما لما رأى نظمها يبعد دخول الوسواس فيه ، ويؤيد الأول حديث
nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير ، أحد كبار التابعين :
nindex.php?page=hadith&LINKID=884123 "أن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر لما رأى الأذان جاء ليخبر النبي- صلى الله عليه وسلم- : فوجد الوحي قد ورد بذلك ، فما راعه إلا أذان nindex.php?page=showalam&ids=115بلال" . فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : "سبقك بذلك الوحي" .
وهذا أصح كما حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=14277الداودي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق "أن جبريل أتى النبي- صلى الله عليه وسلم- بالأذان قبل أن يخبره nindex.php?page=showalam&ids=113عبد الله بن زيد بثمانية أيام" .
الحادي عشر : قيل أن الحكمة في تثنية الأذان وإفراد الإقامة : أن
الأذان إعلام للغائبين متكرر ليكون أوصل إليهم ، بخلاف الإقامة فإنها للحاضرين ، ومن ثم استحب أن يكون الأذان في مكان عال بخلاف الإقامة ، وأن يكون الصوت في الأذان أرفع منه في الإقامة .
الثاني عشر : في بيان غريب ما سبق :
"بدء" الأذان ، بفتح الموحدة وسكون الدال [المهملة] وبالهمزة ، أي ابتداؤه .
"الحين" : الزمان قل أو كثر .
[ ص: 362 ]
"يتحينون" الصلاة : أي يطلبون حينها .
"المواقيت" جمع ميقات : وهو الوقت المضروب للفعل .
"الدعوة" : بالفتح : الأذان .
"القنع" : بضم القاف وسكون النون : هو البوق- بضم الموحدة- شيء مجوف ينفخ فيه .
"الشبور" : بشين معجمة مفتوحة فموحدة مضمومة مشددة وهو البوق .
"الناقوس" : آلة من النحاس ، يضرب فيصوت .
"حي" على الصلاة : أقبلوا .
"الفلاح" : أي الفوز ، أي هلموا إلى طريق النجاة والفوز .
"أندى" صوتا منك ، أي أمد وأبعد وأرفع غاية ، وقيل : أحسن وأعذب .
"ألقه" عليه : أي علمه إياه .
فما "راع" عمر : أي ما شعر عمر ، أي ما أعلمه .
"لدي" : بفتح اللام وتشديد التحتية : أي عندي ، وإلي بذلك تابع .
"التوقير" : التعظيم .
"الحصاص" بحاء مضمومة فصادين مهملتين : الضراط ، وقيل : شدة العدو ، ويفعل ذلك الشيطان لئلا يسمع الأذان فيضطر إلى الشهادة يوم القيامة .
"الغيلان" : واحدها غول ، والغيلان : جنس من الجن كانت العرب تزعم أنها تتراءى للناس في الفلاة فتتمثل في صور شتى فتغولهم ، أي تضلهم عن الطريق وتهلكهم ، فنفاه صلى الله عليه وسلم
بقوله : "لا غول [ولا صفر] "
[وقيل قوله : لا غول] ، ليس نفيا [لعين الغول] ووجوده ، وإنما فيه إبطال زعم العرب في تلونه بالصور المختلفة واغتياله ، فيكون المعنى بقوله : لا غول أنها لا تستطيع أن تضل أحدا . ومنه الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=695404 "إذا تغولت الغيلان فبادروا بالأذان" ، أي ادفعوا شرها بذكر الله ، وهذا يدل على أنه لم يرد بنفيها عدمها .
[ ص: 363 ]