تنبيهات
الأول : قال في "الروض" : "آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه حين نزلوا
المدينة ، لتذهب عنهم وحشة الغربة ، ويؤنسهم من مفارقة الأهل والعشيرة ، ويشد أزر بعضهم ببعض ، فلما عز الإسلام واجتمع الشمل وذهبت الوحشة أنزل الله سبحانه :
وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله [الأنفال 75] أعني في الميراث ، ثم
جعل المؤمنين كلهم إخوة ، يعني في التواد وشمول الدعوة" .
الثاني : اختلف في ابتدائها ، فقيل بعد الهجرة بخمسة أشهر ، وقيل بتسعة ، وقيل وهو يبني المسجد ، وقيل قبل بنائه ، وقيل بسنة ، وقيل بثلاثة أشهر وقيل بدر ، وتقدم عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك أن ذلك كان في داره ، وذكر
أبو سعد النيسابوري في "الشرف" أن ذلك كان في المسجد . فالله أعلم .
الثالث : أنكر
nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي مؤاخاة
nindex.php?page=showalam&ids=23سلمان لأبي الدرداء؛ لأن
nindex.php?page=showalam&ids=23سلمان إنما أسلم بعد وقعة أحد ، وأول مشاهده الخندق . وأجاب الحافظ بأن التاريخ المذكور [هو] للأخوة الثانية ، وهو ابتداء الأخوة ، واستمر صلى الله عليه وسلم يجددها بحسب من يدخل في الإسلام ويحضر إلى
المدينة . [ ص: 368 ]
وليس باللازم أن تكون المؤاخاة وقعت وقعة واحدة حتى يرد هذا التعقيب . وبما أجاب به الحافظ يجاب به عن مؤاخاة
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر والمنذر بن عمرو ، وعن مؤاخاة
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة nindex.php?page=showalam&ids=56وعمار ، وعن مؤاخاة
جعفر nindex.php?page=showalam&ids=32ومعاذ بن جبل ، ويقال بأن
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذا أرصد لمؤاخاة
جعفر حتى يقدم .
الرابع : نقل
محمد بن عمر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري أنه أنكر كل مؤاخاة وقعت بعد بدر ، ويقول :
قطعت بدر المواريث . قال الحافظ رحمه الله تعالى : وهذا لا يدفع المؤاخاة من أصلها ، وإنما يدفع المؤاخاة المخصوصة التي كانت عقدت بينهم ليتوارثوا بها .
الخامس : أنكر الحافظ
أبو العباس بن تيمية المؤاخاة بين المهاجرين ، وخصوصا مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي رضي الله عنه . قال : لأن المؤاخاة شرعت لإرفاق بعضهم بعضا ، ولتتألف قلوب بعضهم على بعض ، فلا معنى لمؤاخاته لأحد ، ولا لمؤاخاة مهاجري لمهاجري .
قال الحافظ : "وهذا رد للنص بالقياس ، وإغفال عن حكمة المؤاخاة؛ لأن بعض المهاجرين كان أقوى من بعض بالمال والعشيرة والقوة ، فواخى بين الأعلى والأدنى ليرتفق الأدنى بالأعلى ، ويستعين الأعلى بالأدنى ، وبهذا تظهر حكمة مؤاخاته صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=8لعلي رضي الله عنه ، لأنه هو الذي كان يقوم
بعلي من عهد الصبا قبل البعثة واستمر ، وكذلك مؤاخاة
nindex.php?page=showalam&ids=135حمزة بن عبد المطلب nindex.php?page=showalam&ids=138وزيد بن حارثة؛ لأن
زيدا مولاهم ، فقد ثبتت أخوتهما وهما من المهاجرين ، وفي الصحيح في عمرة القضاء أن
زيدا قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=653920 "إن ابنة nindex.php?page=showalam&ids=135حمزة ابنة أخي" . وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم nindex.php?page=showalam&ids=13332وابن عبد البر بسند حسن عن
أبي الشعثاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=941387آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير بن العوام nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود ، وهما من المهاجرين ، وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14679الضياء المقدسي في "المختارة" ،
وابن تيمية يصرح بأن أحاديث "المختارة" أصح وأقوى من أحاديث "المستدرك" ، قلت : يأتي الكلام مبسوطا على أخوة النبي صلى الله عليه وسلم في ترجمة
nindex.php?page=showalam&ids=8علي رضي الله عنه عند ذكر تراجم العشرة إن شاء الله تعالى .
السادس :
روى الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان عن
شعبة بن التوأم- بفتح الفوقية والهمزة- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3503062 "لا حلف في الإسلام" ،
زاد
شعبة بن التوأم : nindex.php?page=hadith&LINKID=887649 "ولكن تمسكوا بحلف الجاهلية" . انتهى .
nindex.php?page=hadith&LINKID=697005 "وأيما- وفي لفظ : كل- حلف كان في [ ص: 369 ] الجاهلية لم يزده الإسلام إلا حدة وشدة ، nindex.php?page=hadith&LINKID=941396وما يسرني أن لي حمر النعم وأني نقضت الحلف الذي كان في دار الندوة" .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الكفالة وفي الاعتصام ،
nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم في الفضائل ،
nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبو داود في الفرائض عن
عاصم بن سليمان الأحول قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=652130 "قلت nindex.php?page=showalam&ids=9لأنس بن مالك : أبلغك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا حلف في الإسلام؟ قال : قد حالف النبي صلى الله عليه وسلم بين قريش والأنصار في داري" .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني : ما استدل به
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس على إثبات الحلف لا ينافي الأحاديث السابقة في نفيه ، فإن الإخاء المذكور كان في أول الهجرة ، وكانوا يتوارثون به ، ثم نسخ من ذلك الميراث ، وبقي ما لم يبطله القرآن ، وهو التعاون على الحق والنصر ، والأخذ على يد الظالم ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : "إلا النصر والنصيحة" ، ويوصي به ، فقد ذهب الميراث .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : قال
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة : حالف بينهم : أي آخى بينهم ، يريد أن معنى الحلف في الجاهلية معنى الحلف في الإسلام جار على أحكام الدين وحدوده ، وحلف الجاهلية جار على ما كانوا يتواضعونه بينهم ، فبطل منه ما خالف حكم الإسلام ، وبقي ما عدا ذلك على حاله .
والحلف- بكسر الحاء المهملة وسكون اللام بعدها فاء ، قال في "النهاية" : أصله المعاقدة والمعاهدة على التعاضد والتساعد والاتفاق ، فما كان منه في الجاهلية على الفتن والقتال بين القبائل والغارات ، فذلك الذي ورد النهي عنه في الإسلام
بقوله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3503062 "لا حلف في الإسلام" .
وما كان منه في الجاهلية على
نصر المظلوم وصلة الأرحام كحلف المطيبين وما جرى مجراه فذلك الذي
قال فيه صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=661603 "وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة" ،
يريد من المعاقدة على الخير ونصرة الحق [وبذلك يجتمع الحديثان ، وهذا هو الحلف الذي يقتضيه الإسلام ، والممنوع منه ما خالف حكم الإسلام] والله سبحانه وتعالى أعلم .
[ ص: 370 ]