تنبيهات
الأول : تصوير ما ذكر من تحويل الرجال مكان النساء وتحويل النساء مكان الرجال : أن الإمام يتحول من مكانه في مقدم المسجد إلى مؤخره ، لأن من استقبل الكعبة
بالمدينة فقد استدبر بيت المقدس ، وهو لو دار كما هو مكانه لم يكن خلفه مكان يسع الصفوف ، فلما تحول الإمام تحولت الرجال حتى صاروا خلفه ، وتحولت النساء حتى صرن خلف الرجال . وهذا يستدعي
عملا كثيرا في الصلاة . ويحتمل أن ذلك وقع قبل تحريم العمل الكثير ، كما كان قبل تحريم الكلام ، ويحتمل أن يكون اغتفر العمل المذكور لأجل المصلحة المذكورة ، أو لم يتوال الخطأ عند التحويل بل وقعت متفرقة .
الثاني : اختلف في
تاريخ تحويل القبلة ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب كما عند
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : كان على رأس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس كما عند
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق ، nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبي داود في ناسخه : سبعة عشر شهرا . وكذا قال
عمرو بن عوف كما عند
nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس [ ص: 373 ]
أيضا كما عند
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبي داود في ناسخه ،
nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري كما عند
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ، nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب كما عند الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=11998وأبي داود فيه ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة كما عند
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد ، nindex.php?page=showalam&ids=12918وابن المنذر "على رأس ستة عشر شهرا" . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك كما عند
nindex.php?page=showalam&ids=13863البزار ، nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير : تسعة عشر شهرا . قال الحافظ : "فطريق الجمع بين رواية ستة عشر وسبعة عشر شهرا ، ورواية الشك في ذلك : أن من جزم بستة عشر لفق من شهر القدوم وشهر التحويل شهرا ، وألغى الأيام الزائدة ، ومن جزم بسبعة عشر عدهما معا ، ومن شك تردد في ذلك ، وذلك أن القدوم كان في شهر ربيع الأول بلا خلاف ، وكان التحويل بعد الزوال في نصف شهر رجب من السنة الثانية على الصحيح ، وبه جزم الجمهور ، ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم بسند صحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وقول
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : سبعة عشر شهرا وثلاثة أيام مبني على أن القدوم كان في ثاني ربيع الأول ، وأسانيد رواية ثلاثة عشر وثمانية عشر وتسعة عشر شهرا ، وعشرة أشهر ، ورواية شهرين ، ورواية سنتين هي أسانيد ضعيفة ، والاعتماد على الثلاثة الأول .
الثالث : اختلف في أي شهر كان تحويل القبلة . فقال
محمد بن حبيب : في نصف شعبان ، وهو الذي ذكره
النووي في "الروضة" وأقره ، مع كونه رجح في شرحه على صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم رواية ستة عشر شهرا ، لكونها مجزوما بها عند
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم . ولا يستقيم أن يكون ذلك في شعبان إلا بإلغاء شهري القدوم والتحويل . وجزم
nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة بأن التحويل كان في جمادى الآخرة .
الرابع : اختلف في أي صلاة كان التحويل ، ففي الصحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب أن أول صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم هي صلاة العصر ، والأكثر على أنها صلاة الظهر . قال الحافظ :
والتحقيق أن أول صلاة صلاها في بني سلمة- بكسر اللام- الظهر ، وأول صلاة صلاها بالمسجد النبوي العصر ، وأما الصبح فهو لأهل قباء .
الخامس : اختلف في
صلاة النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس وهو
بمكة ، فروى
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه عن طريق
أبي بكر بن عياش عن
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=883452 "صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس ثمانية عشر شهرا ، وصرفت القبلة إلى الكعبة بعد دخول المدينة بشهرين" . وظاهره أنه كان يصلي
بمكة إلى بيت المقدس محضا . وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري خلافا في أنه جعل الكعبة خلف ظهره ، أو أنه جعلها بينه وبين بيت المقدس ، وعلى الأول فكان يجعل الميزاب خلفه ، وعلى الثاني كان يصلي بين الركنين اليمانيين . وزعم ناس أنه لم يزل يستقبل الكعبة
بمكة ، فلما قدم
المدينة استقبل بيت المقدس ، ثم نسخ . قال الحافظ : "وهذا ضعيف ، ويلزم منه دعوى النسخ مرتين ، والأول أصح؛ لأنه يجمع بين القولين . وقد صححه
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وغيره . وحمل
nindex.php?page=showalam&ids=13332أبو عمر هذا
[ ص: 374 ]
القول على الثاني ، ويؤيده في حمله على ظاهره إمامة
جبريل ، ففي بعض طرقه أن ذلك كان عند البيت . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير وغيره بسند جيد قوي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال :
"لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وأمره الله تعالى أن يستقبل بيت المقدس" إلى آخره ، وظاهره أن استقبال بيت المقدس إنما وقع بعد الهجرة إلى
المدينة ، لكن روى الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد من وجه آخر عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=683681 "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهو بمكة نحو بيت المقدس والكعبة بين يديه" . ورواه
ابن سعد أيضا وسنده جيد قوي ، والجمع بينهما ممكن ، بأن يكون أمر لما هاجر أن يستمر على الصلاة إلى بيت المقدس .
وقوله في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس الأول : "أمره الله" يرد قول من قال : "أنه صلى الله عليه وسلم صلى إلى بيت المقدس باجتهاد" ، كما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير عن
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وهو ضعيف .
وعن
أبي العالية أنه صلى إلى بيت المقدس يتألف بذلك أهل الكتاب ، وهذا لا ينبغي إلا بتوقيف .
السادس : الذين ماتوا قبل فرض الصلاة وقبل تحويل القبلة من المسلمين عشر أنفس :
بمكة من قريش 1
عبد الله بن شهاب 2
والمطلب بن أزهر ، الزهريان ، 3
والسكران بن عمرو العامري . وبأرض
الحبشة منهم : 4
حطاب بن الحارث الجمحي- حطاب بالحاء المهملة- 5
وعمرو بن أمية الأسدي ، 6
وعبد الله بن الحارث السهمي . 7
وعروة بن عبد العزى ، 8
وعدي بن نضلة- بالنون والضاد المعجمة- العدويان- ومن الأنصار
بالمدينة : 9
nindex.php?page=showalam&ids=1023البراء بن معرور- بمهملات ، 10
وأسعد بن زرارة . فهؤلاء العشرة متفق عليهم ، ومات في المدة أيضا
إياس بن معاد الأشهلي ، لكنه مختلف في إسلامه .
السابع : وقع في رواية
زهير بن معاوية في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب رضي الله عنه في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وغيره : أنه مات على القبلة- أي قبلة بيت المقدس من قبل أن تحول [قبل البيت] - رجال قتلوا [فلم ندر ما نقول فيهم] . قال الحافظ : "ذكر القتل لم أره إلا في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، وباقي الروايات إنما فيها ذكر الموت فقط ، ولم أجد في شيء من الأخبار أن أحدا من المسلمين قتل قبل تحويل القبلة ، لكن لا يلزم من عدم الذكر عدم الوقوع ، فإن كانت هذه اللفظة محفوظة فتحمل على أن بعض المسلمين ممن لم يشتهر قتل في تلك المدة في غير الجهاد ، ولم يضبط لقلة الاعتناء بالتاريخ إذ ذاك" . قال : "ثم وجدت في التاريخ ذكر رجل
[ ص: 375 ] اختلف في إسلامه وهو
سويد بن الصامت" فذكر ما تقدم في بدء إسلام الأنصار . ثم قال الحافظ : "فيحتمل أن يكون هو المراد" قال : وذكر لي بعض الفضلاء أنه يجوز أن يراد من قتل
بمكة من المستضعفين ، كأبوي
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار ، فقلت : يحتاج إلى ثبوت أن قتلهما بعد الإسراء .
الثامن : في بيان غريب ما سبق :
"حجج" ، بكسر الحاء المهملة وفتح الجيم الأولى وكسر الثانية [أي سنين] .
"قبل" البيت- بكسر القاف وفتح الموحدة- : أي جهته .
"معرور" بعين مهملة .
"حانت" الصلاة : دنا وقتها .
[ ص: 376 ]