الباب الثالث : في
موادعته صلى الله عليه وسلم اليهود ، وكتبه بينه وبينهم كتابا بذلك ، ونصبهم العداوة له ولأصحابه حسدا وعدوانا ، ونقضهم للعهد
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : "وكتب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- كتابا بين المهاجرين والأنصار وادع فيه يهود وعاهدهم وأقرهم على دينهم وأموالهم ، واشترط عليهم وشرط لهم" . أي لما امتنعوا من اتباعه ، وذلك قبل الإذن بالقتال وأخذ الجزية ممن أبى الإسلام ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق نسخة الكتاب ، وهو نحو ورقتين بغير إسناد ، ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد في كتاب الأموال بسند جيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، ولعلي أذكره في أبواب مكاتباته- صلى الله عليه وسلم- .
[ ص: 383 ]
وروى
ابن عائذ عن
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير : أن أول من أتى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من اليهود أبو ياسر بن أخطب أخو حيي بن أخطب ، فسمع منه ، فلما رجع قال لقومه : "أطيعوني ، فإن هذا هو النبي الذي كنا ننتظره" فعصاه أخوه ، وكان مطاعا فيهم ، فاستحوذ عليهم الشيطان فأطاعوه .
وروى
أبو سعيد النيسابوري في "الشرف" عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3503071 "جاء ميمون بن يامين ، وكان رأس يهود ، إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال : "يا رسول الله ابعث إليهم واجعلني حكما بينهم ، فإنهم يرجعون لي" فأدخله داخلا ، ثم أرسل إليهم ، فأتوه ، فخاطبوه ، فقال : "اختاروا رجلا يكون حكما بيني وبينكم" .
قالوا : "قد رضينا ميمون بن يامين" . فلما خرج إليهم قال : "أشهد أنه رسول الله" . فأبوا أن يصدقوه .
وروى الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد والشيخان عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : "قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- :
nindex.php?page=hadith&LINKID=689240 "لو آمن بي عشرة من أحبار يهود لآمن بي كل يهودي على وجه الأرض" .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=11970ابن أبي حاتم وأبو سعيد النيسابوري وزاد في آخره قال :
"وقال كعب : اثني عشر" ، وتصديق ذلك في [سورة المائدة] :
وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا [المائدة 12] قال الحافظ : فعلى هذا فالمراد عشرة مختصة ، وإلا فقد آمن به صلى الله عليه وسلم أكثر من عشرة ، وقيل
[ ص: 384 ] المعنى : "لو آمن في الزمان الماضي كالزمن الذي قبل قدوم النبي- صلى الله عليه وسلم-
المدينة أو حال قدومه" . قال الحافظ : "والذي يظهر أنهم وهم الذين كانوا حينئذ رؤساء في يهود ، ومن عداهم كان تبعا لهم ، فلم يسلم منهم إلا القليل ،
كعبد الله بن سلام ، وكان من المشهورين بالرياسة في يهود بني قينقاع عند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم . ومن بني النضير :
أبو ياسر- بتحتية وسين فراء مهملتين- ابن أخطب- بخاء معجمة فطاء مهملة فموحدة- وأخوه
حيي بن أخطب ، وكعب بن الأشرف وأبو رافع سلام بن الربيع بن أبي الحقيق- بقافين مصغر . ومن بني قينقاع :
سعد بن حنيف ، وفنحاص- بفاء مكسورة فنون ساكنة فحاء مهملة فألف فصاد مهملة-
ورفاعة بن زيد [ابن التابوت] . ومن بني قريظة :
الزبير- بفتح الزاي- ابن باطى بن وهب ، وكعب بن أسد ، وهو صاحب عقد بني قريظة الذي نقض عام الأحزاب ،
وشمويل بن زيد ، فهؤلاء لم يثبت أحد منهم ، وكان كل منهم رئيسا في اليهود ، لو أسلم لتبعه جماعة ، فيحتمل أن يكونوا المراد .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم في "الدلائل" من وجه آخر عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3503073 "لو آمن بي الزبير بن باطى وذووه من رؤساء لأسلموا كلهم" . وأغرب
السهيلي فقال : لم يسلم من أحبار اليهود إلا اثنان :
nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام ، وعبد الله بن صوري . قال الحافظ : كذا قال ، ولم أر
لعبد الله بن صوري إسلاما من طريق صحيحة ، فإنما نسبه
السهيلي في موضع آخر لتفسير النقاش .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : "ونصبت بعد ذلك أحبار يهود لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- العداوة بغيا وحسدا وضغنا ، لما خص الله تعالى به العرب من اصطفاء رسوله منهم . وكانت أحبار يهود ، هم الذين يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتعنتونه ويأتونه باللبس ليلبسوا الحق بالباطل ، وكان القرآن ينزل فيهم وفيما يسألون عنه ، إلا قليلا من المسائل في الحلال والحرام كان المسلمون يسألون عنها" .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق وغيره أسماء اليهود ، ولا حاجة بي هنا إلى ذكرهم ، بل من جاء ذكره في كتابي تكلمت عليه ، وكانوا ثلاث قبائل : قينقاع- بفتح القاف وتثليث النون وبالعين المهملة ، ويجوز صرفه على إرادة الحي ، وترك صرفه على إرادة القبيلة أو الطائفة- وهم الوسط من يهود
المدينة . وإذا قلت : بنو قينقاع فالوجه الصرف ، وقريظة- بقاف مضمومة فظاء معجمة مشالة ، وهو أخو النضير ، والوسط من يهود المدينة ، والنضير- بضاد معجمة ساقطة ، وزن كريم .
وحاربته الثلاثة ، ونقضوا العهد الذي بينه وبينهم ، فمن على بني قينقاع ، وأجلى بني النضير ، وقتل بني قريظة ، وسبى ذريتهم ، ونزلت سورة الحشر في بني النضير ، وسورة الأحزاب في بني قريظة ، وسيأتي بيان ذلك مفصلا في المغازي إن شاء الله تعالى .
[ ص: 385 ]