التاسع : قال شيخ الإسلام
أبو الحسن السبكي رحمه الله تعالى : سئلت عن
الحكمة في قتال الملائكة مع النبي صلى الله عليه وسلم ببدر ، مع أن جبريل قادر على أن يدفع الكفار بريشة من جناح ، فأجبت : وقع ذلك لإرادة أن يكون الفعل للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فتكون الملائكة مددا ، على عادة مدد الجيوش؛ رعاية لصورة الأسباب وسننها ، التي أجراها الله تعالى في عباده . والله تعالى فاعل الأشياء .
وقال في الكشاف في تفسير سورة يس في قوله تعالى :
وما أنزلنا على قومه من بعده من جند من السماء وما كنا منزلين [يس : 28] فإن قلت : فلم أنزل الجنود من السماء يوم
بدر والخندق ؟ فقال :
فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها [الأحزاب : 9] وقال :
بألف من الملائكة مردفين [الأنفال : 9]
بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين [آل عمران : 124]
بخمسة آلاف من الملائكة مسومين [آل عمران : 125] قلت : إنما كان يكفي ملك واحد فقد أهلكت مدائن قوم
لوط بريشة من جناح
جبريل ، وبلاد
ثمود وقوم
صالح بصيحة ، ولكن الله تعالى فضل
محمدا صلى الله عليه وسلم بكل شيء على كبار الأنبياء وأولي العزم من الرسل فضلا على حبيبه النجار . وأولاه من أسباب الكرامة ما لم يؤته أحدا ، فمن ذلك أنه أنزل له جنودا من السماء ، وكأنه أشار بقوله :
وما أنزلنا وما كنا منزلين إلى أن إنزال الجنود من عظائم الأمور التي لا يؤهل لها إلا مثلك ، وما كنا نفعله لغيرك .