العاشر : اختلف المفسرون في
قوله تعالى : إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين [آل عمران : 124 ، 125] الآيات ، هل كان هذا الوعد يوم
بدر أو يوم
أحد ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، والحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ، وعامر الشعبي ، والربيع بن أنس ، وغيرهم ، وعليه جرى الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير . وقال
الحافظ : إنه قول الأكثر . وإن قوله تعالى :
إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين [ ص: 83 ] يتعلق بقوله :
ولقد نصركم الله ببدر [آل عمران : 123] لأن السياق يدل على ذلك؛ فإنه سبحانه وتعالى قال :
ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين إلى أن قال :
وما جعله الله أي : هذا الإمداد
إلا بشرى لكم ولتطمئن قلوبكم به [آل عمران : 126] قالوا : فلما استغاثوا أمدهم بألف ، ثم أمدهم بتمام خمسة آلاف لما صبروا واتقوا ، وكان هذا التدريج ومتابعة الإمداد أحسن موقعا ، وأقوى لنفوسهم ، وأسر لها من أن تأتي دفعة ، وهو بمنزلة متابعة الوحي ونزوله مرة بعد مرة .
فإن قيل : فما الجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى في قصة
بدر : إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين [الأنفال : 9] إلى آخر الآية ؟
فالجواب : أن التنصيص على الألف هنا لا ينافي الثلاثة آلاف فما فوقها؛ لقوله : مردفين ، يعني يردفهم غيرهم ، ويتبعهم ألوف أخر مثلهم ، وهذا السياق شبيه بالسياق في سورة آل عمران ، فالظاهر أن ذلك كان يوم
بدر كما هو المعروف من أن
قتال الملائكة إنما كان يوم بدر ، وقالت شرذمة : هذا الوعد بالإمداد بالثلاثة وبالخمسة كان يوم
أحد ، وكان إمدادا معلقا على شرط ، وهو التقوى ومصابرة عدوهم فلم يصبروا ، بل فروا ، فلما فات شرطه فات الإمداد فلم يمدوا بملك واحد ، والقصة في سياق
أحد ، وإنما أدخل ذكر
بدر اعتراضا في آيتها فإنه قال :
وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون [آل عمران : 121 ، 122] ثم قال :
ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون فذكرهم نعمته عليهم لما نصرهم
ببدر وهم أذلة ، ثم عاد إلى قصة
أحد وأخبر عن قول رسوله :
ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين ثم وعدهم إن صبروا واتقوا أن يمدهم بخمسة آلاف ، فهذا من قول رسوله ، والإمداد الذي
ببدر من قوله تعالى هذا :
بخمسة آلاف وإمداد
بدر بألف ، وهذا معلق على شرط وذاك مطلق ، والقصة في سورة آل عمران هي قصة
أحد مستوفاة مطولة ،
وبدر ذكرت فيها اعتراضا ، والقصة في سورة الأنفال توضح هذا .
قال
الحافظ : ويؤيد ما ذهب إليه الجمهور ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم بسند صحيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي أن المسلمين بلغهم يوم
بدر أن
كرز بن جابر المحاربي مد المشركين فشق ذلك على المسلمين ، فأنزل الله تعالى :
ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف الآية ، فبلغت
كرزا الهزيمة فلم يمد
كرز المشركين ولم يمد المسلمون .
وقال في موضع آخر : هذا- أي القول الأول- هو المعتمد .
[ ص: 84 ]