الباب التاسع في غزوة السويق
وسببها أن فل المشركين لما رجعوا إلى
مكة موتورين محزونين حرم
أبو سفيان على نفسه الدهن ، ونذر ألا يمس رأسه ماء من جنابة ، حتى يثأر من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بمن أصيب من المشركين يوم
بدر ، فخرج في مائتي راكب من قريش ليبر يمينه ، فسلك النجدية حتى نزل بصدر قناة إلى جبل يقال له :
يتيب بالمدينة ، على بريد أو نحوه ، ثم خرج من الليل حتى أتى
بني النضير تحت الليل ، فأتى
حيي بن أخطب فضرب عليه بابه ، فأبى أن يفتح له وخافه ، فانصرف عنه إلى
سلام بن مشكم وكان سيد
بني النضير في زمانه ذلك ، وصاحب كنزهم ، فاستأذن عليه ، فأذن له ، فقراه وسقاه ، وبطن له من خبر الناس ، وخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم خرج في عقب ليلته حتى أتى أصحابه فبعث رجلا من
قريش فأتوا ناحية منها يقال لها : العريض ، فحرقوا في أصوار من نخل بها ، ووجدوا رجلا من الأنصار وحليفا له في حرث لهما فقتلوهما . قال في الإمتاع : وهذا الأنصاري هو
معبد بن عمرو . ورأى
أبو سفيان أن يمينه قد حلت وقيل : إن
أبا سفيان فعل ذلك لما رجع في ليلته من عند سلام بن مشكم ، وانصرفوا راجعين ، ونذر بهم الناس ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في طلبهم يوم الأحد الخامس من ذي الحجة على رأس اثنين وعشرين شهرا . في مائتين من المهاجرين والأنصار . وفي الإشارة ثمانين ، وجمع بأن الركبان ثمانون وعامة الجيش مائتان ، واستعمل على
المدينة بشير - وهو بفتح الموحدة - ابن عبد المنذر حتى بلغ
قرقرة الكدر وجعل
أبو سفيان وأصحابه يتخففون للهرب فيلقون جرب السويق وهي عامة أزوادهم ، فيأخذها المسلمون ، فسميت
غزوة السويق ولم يلحقوهم ، وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا إلى
المدينة ، وكان غاب خمسة أيام ، وقال المسلمون لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين رجع بهم : يا رسول الله أتطمع أن تكون لنا غزوة ؟ قال : نعم .