تنبيهات 
الأول : المصطلق- بضم الميم وسكون الصاد وفتح الطاء المهملتين وكسر اللام بعدها قاف- مفتعل من الصلق وهو رفع الصوت ، وهو لقب ، واسمه 
جذيمة- بجيم فذال معجمتين مفتوحة فتحتية ساكنة- ابن سعد بن عمرو بن ربيعة بن حارثة   : بطن من 
بني خزاعة   . 
والمريسيع-  بضم الميم وفتح الراء وسكون التحتانيتين بينهما سين مهملة مكسورة وآخره عين مهملة- وهو ماء 
لبني خزاعة  بينه وبين الفرع مسيرة يوم ، مأخوذ من قولهم : رسعت عين الرجل ، إذا دمعت من فساد . 
الثاني : اختلف في زمن هذه الغزوة ، فقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق   : في شعبان سنة ست ، وبه جزم 
 nindex.php?page=showalam&ids=15835خليفة بن خياط   nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري   . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة  وعروة   : كانت في شعبان سنة خمس . 
ووقع في صحيح 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  نقلا عن 
ابن عقبة  أنها كانت في سنة أربع . قال الحافظ : وكأنه سبق قلم ، أراد أن يكتب سنة خمس فكتب سنة أربع . والذي في مغازي 
 nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة  من عدة طرق أخرجها 
 nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم  وأبو سعيد النيسابوري   nindex.php?page=showalam&ids=13933والبيهقي  في الدلائل وغيرهم : سنة خمس . 
ولفظه عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة  عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب   : ثم قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم 
بني المصطلق  وبني لحيان  في شعبان سنة خمس . ويؤيده ما أخرجه 
 nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري  في الجهاد عن 
 nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر  أنه غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم 
بني المصطلق   . 
وقال 
 nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم  في الإكليل : قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة  وغيره إنها كانت في سنة خمس أشبه من قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق   . قال الحافظ : ويؤيده ما ثبت في حديث الإفك أن 
 nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ  تنازع هو 
 nindex.php?page=showalam&ids=228وسعد بن عبادة  في أصحاب الإفك ، أي المذكور في الحوادث ، فلو كانت هذه الغزوة في شعبان سنة ست ، مع أن الإفك كان فيها ، لكان ما وقع في الصحيح من ذكر 
 nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ  غلطا ، لأن 
 nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ  مات أيام 
قريظة  وكانت سنة خمس على الصحيح ، كما سيأتي تقريره ، وإن كانت سنة أربع فهو أسد ، فظهر أن 
غزوة بني المصطلق  كانت سنة خمس في شعبان ، فتكون وقعت قبل 
الخندق  ، لأن الخندق كانت في شوال من سنة خمس ، فتكون بعدها ، فيكون 
 nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ  موجودا في المريسيع . ورمي بعد ذلك بسهم في الخندق ، ومات من جراحته بعد أن حكم في 
بني قريظة   .  
[ ص: 356 ] 
ويأتي لهذا مزيد بيان في الكلام على حديث الإفك في الحوادث ، ويؤيده أيضا أن حديث الإفك كان سنة خمس ، إذ الحديث فيه التصريح بأن ذلك كان بعد نزول الحجاب ، والحجاب كان في ذي القعدة سنة أربع عند جماعة ، فتكون 
المريسيع  بعد ذلك ، فيترجح أنه سنة خمس . أما قول 
 nindex.php?page=showalam&ids=15472الواقدي   : إن الحجاب كان في ذي القعدة سنة خمس ، فمردود . وقد جزم 
خليفة  وأبو عبيدة  وغير واحد أن الحجاب كان سنة ثلاث ، فحصلنا في الحجاب على ثلاثة أقوال : أشبههما سنة أربع . 
الثالث : روى الشيخان عن 
ابن عون  قال : كتبت إلى 
نافع  أسأله عن 
الدعاء قبل القتال ، فكتب إلي : إنما كان ذلك في أول الإسلام ، قد أغار رسول الله صلى الله عليه وسلم على 
بني المصطلق  ، وهم غارون وأنعامهم تسعى على الماء ، فقتل مقاتلتهم ، وسبى ذراريهم ، الحديث . وعنه حدثني هذا الحديث 
 nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر  ، وكان في ذلك الجيش . 
غارون ، بتشديد الراء ، أي غافلون . 
وذكر جل أهل المغازي أنه حصل بين الفريقين قتال ، وذكر جماعة منهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر 
 nindex.php?page=showalam&ids=2عمر  أن يدعوهم إلى توحيد الله تعالى . قال في الفتح : فيحتمل أن يكونوا حين الإيقاع بهم تثبتوا قليلا ، فلما كثر فيهم القتال انهزموا ، بأن يكون لما دهمهم وهم على الماء ثبتوا وتصافوا ، ووقع القتال بين الطائفتين ، ثم بعد ذلك وقعت الغلبة عليهم . 
وأشار 
ابن سعد  إلى حديث 
نافع  ثم قال : والأول أثبت ، وأقره في العيون ، والحكم بكون الذي في السير أثبت مما في الصحيح مردود ، لا سيما مع إمكان الجمع . 
الرابع : جهجاه ، وقيل : اسم أبيه مسعود ، وقيل : سعيد : قال 
 nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري   : المحدثون يزيدون فيه الهاء ، والصواب جهجا ، دون هاء . 
وسنان اختلف في اسم أبيه أيضا فقيل : وبر بسكون الموحدة ، وقيل : بفتحها- وقيل أبير- بوزن [زبير] ، وقيل : وبرة واحدة الوبر ، وقيل : عمرو ، وقيل : تيم . 
الخامس : 
قوله صلى الله عليه وسلم : 
nindex.php?page=hadith&LINKID=654525«دعوها فإنها منتنة»  . 
قال 
أبو القاسم الخثعمي   : يعني «يا لفلان» ، لأنها من دعوى الجاهلية . وقد جعل الله تعالى المؤمنين إخوة ، وحزبا واحدا ، فإنما ينبغي أن تكون الدعوة : يا للمسلمين ، فمن 
دعا في الإسلام بدعوى الجاهلية فيتوجه فيها للفقهاء ثلاثة أقوال : 
أحدها : أن يجلد من استجاب لها بالسلاح خمسين سوطا ، اقتداء 
بأبي موسى الأشعري  في جلده النابغة الجعدي خمسين سوطا ، حين سمع : يا لعامر ! فأقبل يشتد بعصبة له .  
[ ص: 357 ] 
القول الثاني : إن فيها الجلد دون العشرة ، لنهيه صلى الله عليه وسلم أن يجلد أحد فوق عشرة أسواط ، إلا في حد . 
والقول الثالث : اجتهاد الإمام في ذلك حسب ما يراه من سد الذريعة ، وإغلاق باب الشر بالوعيد ، وإما بالسجن ، وإما بالضرب . فإن قيل : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعاقب الرجلين حين دعوا بها ، قلنا : قد قال : دعوها فإنها منتنة ، فقد أكد النهي ، فمن عاد إليها بعد هذا النهي ، وبعد وصف النبي صلى الله عليه وسلم بالإنتان ، وجب أن يؤدب حتى يشم نتنها ، كما فعل 
أبو موسى بالجعدي  ، ولا معنى لنتنها إلا سوء العاقبة فيها ، والعقوبة عليها . 
السادس : في 
استئذان عبد الله بن عبد الله بن أبي  في قتل أبيه المنافق ، من أجل المقالة الخبيثة التي قالها . 
وفي هذا العلم العظيم والبرهان النير من أعلام النبوة ، فإن العرب كانت أشد خلق الله حمية وتعصبا ، فبلغ الإيمان منهم ونور اليقين من قلوبهم إلى أن يرغب الرجل منهم في قتل أبيه وولده ، تقربا إلى الله تعالى وتزلفا إلى رسوله ، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم أبعد الناس [نسبا] منهم ، أي الأنصار ، وما تأخر إسلام قومه وبني عمه وسبق إلى الإيمان به الأباعد إلا لحكمة عظيمة ، إذ لو بادر أهله وأقربوه إلى الإيمان به لقيل : قوم أرادوا الفخر برجل منهم ، وتعصبوا له ، فلما بادر إليه الأباعد وقاتلوا على حبه من كان منهم ، أو من غيرهم ، علم أن ذلك عن بصيرة صادقة ، ويقين قد تغلغل في قلوبهم ، ورهبة من الله تعالى أزالت صفة قد كانت [سدكت] في نفوسهم من أخلاق الجاهلية ، لا يستطيع إزالتها إلا الذي فطر الفطرة الأولى ، وهو القادر على ما يشاء . 
السابع : 
نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم لجويرية  حتى عرف من حسنها ما عرف ، وذلك لأنها كانت أمة مملوكة ، ولو كانت حرة ما ملأ عينه منها ، لأنه لا يكره 
النظر إلى الإماء  . وجائز أيضا أن يكون نظر إليها لأنه نوى نكاحها ، أو أن ذلك قبل أن تنزل آية الحجاب . 
الثامن : وقع في هذه الغزوة حديث الإفك ، وسيأتي الكلام عليه في الحوادث في سنة خمس . قيل : وفيها نزلت آية التيمم ، وسيأتي الكلام عليه في الحوادث .