تنبيه: قد قدمنا أن ما سبق هو النسب الصحيح المجمع عليه في
نسب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن ما بين
عدنان إلى
إسماعيل فيه اضطراب شديد واختلاف متفاوت حتى أعرض الأكثر عن سياق النسب بين
عدنان وإسماعيل . ولكن لا خلاف أن
عدنان من ذرية
إسماعيل . وإنما الخلاف في عدد ما بينهما. وقد اختلف النسابون في ذلك، فذهب جماعة إلى أنه لا يعرف. ومما استدلوا به ما رواه
ابن سعد nindex.php?page=hadith&LINKID=889544إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا انتسب لم يجاوز في نسبه معد بن عدنان بن أدد، ثم يمسك ثم يقول: كذب النسابون وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: لو شاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلمه لعلمه.
[ ص: 296 ] وأجيب بأن
هشاما وأباه متروكان. وقال
السهيلي : الأصح في هذا الحديث أنه من قول
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود.
والقائلون: بأنه معروف اختلفوا فقيل: بين
عدنان وإسماعيل أربعة وقيل: سبعة وقيل: ثمانية. وقيل: تسعة. وقيل: عشرة. وقيل: خمسة عشر. وقيل: عشرون. وقيل: ثلاثون: وقيل: ثمانية وثلاثون. وقيل: تسعة وثلاثون. وقيل: أربعون. وقيل: أحد وأربعون. وقيل: غير ذلك وبسط الكلام على ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود في تواريخهم وغيرهم ولا حاجة بنا إلى ذلك.
وقال
الحافظ رحمه الله تعالى: الذي ترجح في نظري أن الاعتماد على ما قال
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق أولى.
قلت: وصححه
أبو الفضل العراقي في ألفية السيرة.
قال
الحافظ : وأولى منه ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني nindex.php?page=showalam&ids=14070والحاكم عن
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
معد بن عدنان بن أدد بن زند بن اليرى بن أعراق الثرى. قالت: ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأنه أهلك عادا الأولى وثمود وقرونا بين ذلك كثيرا لا يعلمهم إلا الله تعالى. قالت: وأعراق الثرى:
إسماعيل. وزند: هميسع. ويرى: نبت.
قلت: وصححه
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم وأقره
الذهبي . وقال
الحافظ نور الدين الهيثمي في مجمع الزوائد (انتهى ) رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني في الصغير وفيه
عبد العزيز بن عمران من ذرية
عبد الرحمن ابن عوف وقد ضعفه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري وجماعة، وذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في الثقات. انتهى.
وزند والد
أدد بزاي معجمة فنون فدال مهملة قال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني رحمه الله تعالى: لا نعلم
زندا إلا في هذا الحديث
وزند بن الجون وهو أبو دلامة الشاعر. واليرى بمثناة تحتية فراء
[ ص: 297 ] خفيفة مفتوحين قال
الحافظ في التبصير: واليرى: شجر طيب الرائحة. انتهى. والثرى: بمثلثة فراء لقب
إسماعيل لقب بذلك لأنه ابن
إبراهيم ،
وإبراهيم لم تأكله النار، كما أن النار لا تأكل الثرى والله تعالى أعلم.
قال
الحافظ رحمه الله تعالى: فعلى هذا يكون
معد بن عدنان كما قال بعضهم: كان في عهد
موسى لا في عهد
عيسى صلى الله عليه وسلم، وهذا أولى، لأن عدد الآباء بين نبينا وبين
عدنان نحو العشرين فيبعد كل البعد مع كون المدة التي بين نبينا وبين
عيسى كانت ستمائة سنة مع ما عرف من طول أعمارهم أن يكون
معد في زمن
عيسى . وإنما رجح من رجح كون بين
عدنان وإسماعيل العدد الكثير استبعادهم أن يكون بين
معد وهو في عصر
عيسى بن مريم وبين
إسماعيل أربعة آباء أو خمسة مع طول المدة، وما فروا منه وقعوا في نظيره كما أشرت إليه.
والأقرب: ما حررته وهو إن ثبت أن
معد بن عدنان كان في زمن
عيسى فالمعتمد أن يكون بينه وبين
إسماعيل العدد الكثير من الآباء، وإن كان في زمن
موسى فالمعتمد أن ما بينهما العدد القليل. انتهى كلام
الحافظ رحمه الله تعالى.
وقد تقدم في ترجمة معد أن أولاده أغاروا على عسكر
موسى عليه الصلاة والسلام.
قال
السهيلي : وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة أصح شيء روي في هذا الباب. ثم قال: وليس هو عندي بمعارض لما تقدم من قوله: "كذب النسابون"
ولا لقول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر، لأنه حديث متأول يحتمل أن يكون قوله ابن اليرى بن أعراق الثرى كما قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=940956 "كلكم بنو آدم وآدم من تراب" لا يريد أن الهميسع ومن دونه ابن
لإسماعيل لصلبه، ولا بد من هذا التأويل أو غيره، لأن أصحاب الأخبار لا يختلفون في بعد المدة بين عدنان
وإبراهيم ، ويستحيل في العادة أن يكون بينهما أربعة آباء أو سبعة كما ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق، أو عشرة أو عشرون، فإن المدة أطول من ذلك كله.
وذلك أن
معد بن عدنان كان في مدة
بخت نصر ابن اثنتي عشرة سنة. قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري.
قلت: وإذا تأملت الكلام السابق
للحافظ تبين لك الجواب عن
السهيلي.
قال
الجواني رحمه الله تعالى: وسبب الخلاف في النسب أنه قد جاء أن
العرب لم يكونوا أصحاب كتب يرجعون إليها، وإنما كانوا يرجعون إلى حفظ بعضهم من بعض، فمن ذلك حدث الاختلاف. انتهى.
وإذا علم ما تقرر فهذه فوائد تتعلق بالأسماء الآتية: الأولى: قال
nindex.php?page=showalam&ids=13147ابن دريد: ما بعد
عدنان أسماء سريانية لا يوضحها الاشتقاق.
الثانية: قال
الحافظ محمد بن علي التوزري الشهير بابن المصري رحمه الله تعالى في شرحه على القصيدة الشقراطيسية وهو في ست مجلدات كبار في وقف خزانة المحمودية: ما
[ ص: 298 ] كان من هذه الأسماء العجمية على أربعة أحرف فصاعدا فلا خلاف أن منعه من الصرف للعجمة والتعريف. وما كان منها على ثلاثة أحرف فإما أن يكون متحرك الوسط فحكمه حكم الأول، وإما أن يكون ساكن الوسط
كنوح ويرد فحكمه الصرف على المشهور.
الثالثة: قال
الحافظ في الفتح بعد أن ساق نسب سيدنا
إبراهيم إلى
نوح صلى الله عليهما وسلم كما سيأتي: لا يختلف جمهور أهل النسب ولا أهل الكتاب في ذلك إلا في النطق ببعض هذه الأسماء. نعم ساق
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في أول تاريخه خلاف ذلك وهو شاذ انتهى.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13147ابن دريد: في كتاب الاشتقاق: وأما نسب
إبراهيم إلى
آدم عليهما الصلاة والسلام فصحيح لا خلاف فيه لأنه منزل في التوراة مذكور فيها نسبهم ومبلغ أعمارهم.
وقال
الجواني في المقدمة: النسب فيما بين
آدم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام صحيح لا خلاف فيه بينهم ولا خلاف إلا في أسماء الآباء لأجل نقل الألسنة.
الرابعة: اختلف العلماء في كراهة رفع النسب إلى
آدم صلى الله عليه وسلم: فذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير وغيرهما إلى جوازه، وأما الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رضي الله تعالى عنه فسئل عن الرجل يرفع نسبه إلى
آدم فكره ذلك، فقيل له: فإلى
إسماعيل ؟ فأنكر ذلك أيضا. وقال: من يخبره به! وكره أيضا أن يرفع في نسب الأنبياء: مثل أن يقول
إبراهيم بن فلان بن فلان. قال: ومن يخبره به؟ لنقله في الروض عن كتاب
عبد الله بن محمد بن حسين المنسوب إلى
المعيطي .